قلت: العجب ممن يدعي الاجتهاد ويحرم التقليد كيف يصرف الأحاديث ويتأولها حتى تتفق مع أقوال الأئمة بزعمه بينما الاجتهاد الصحيح يقتضي عكس ذلك تماما على أن الحديث لا ينافي الاتفاق المذكور لأنه خاص بالقبر المبني عليه فحينئذ يسوى بالأرض كما سبق عن الأزهار واتفاق الأئمة إنما هو في الأصل الذي ينبغي أن يراعى حين دفن الميت فيرفع قليلا فهذا لا يعنيه الحديث كما أفاده القارئ رحمه فيما تقدم نقله قريبا في الحاشية (ص ٧٣)
ثم نقل الغماري في تأويل الحديث عن الشافعية أنهم قالوا:
لم يرد تسويته بالأرض وإنما أراد تسطيحه جمعا بين الأحاديث
قلت: لو سلم هذا فهو دليل على الغمار لا له لأنه لا يقول بوجوب تسطيحه بل يقول باستحباب رفعه بدون حد وباستحباب البناء عليه قبة أو مسجد
ثم قال الغماري في الجواب الأخير عن الحديث:
وهو الصحيح عندنا أنه أراد قبور المشركين التي كانوا يقدسونها في الجاهلية وفي بلاد الكفار التي افتتحها الصحابة رضي الله عن هم بدليل ذكر التماثيل معها
قلت: في بعض طرق الحديث عند أحمد أن بعث علي رضي الله عن هـ إنما كان إلى بعض نواحي المدينة حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فهذا يبطل ما ادعاه من أن الإرسال كان إلى بلاد الكفار
ثم إن موضع الشاهد من الحديث إنما هو بعث علي أبا الهياج إلى تسوية القبور وكان رئيس الشرطة ففيه دليل واضح على أن عليا وكذا عثمان رضي الله عن هما في الأثر المتقدم كانا يعلمان هذا الحكم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم خلافا لما زعمه الغماري