للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما لفظ دبر الصلاة فقد يراد به آخر جزء منه وقد يراد به ما يلي آخر جزء منه كما في دبر الإنسان فإنه آخر جزء منه ومثله لفظ العقب قد يراد به الجزء المؤخر من الشيء كعقب الإنسان وقد يراد به ما يلي ذلك, فالدعاء المذكور في دبر الصلاة إما أن يراد به آخر جزء منها ليوافق بقية الأحاديث أو يراد به ما يلي آخرها, ويكون ذلك ما بعد التشهد كما سمي ذلك قضاء للصلاة وفراغا منها حيث لم يبق إلا السلام المنافي للصلاة أو يكون مطلقا أو مجملا وبكل حال فلا يجوز أن يخص به ما بعد السلام لأن عامة الأدعية المأثورة كانت قبل ذلك. مجموع الفتاوى (١)

وقال أيضا: ولفظ (دبر الصلاة) قد يراد به آخر جزء من الصلاة كما يراد بدبر الشيء مؤخره وقد يراد به ما بعد انقضائها كما في قوله - تعالى -) (وأدبار السجود) (٢) وقد يراد به مجموع الأمرين. (٣) وقال ابن القيم: ودبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده, وكان شيخنا_يعني ابن تيمية_ يرجح أن يكون قبل السلام فراجعته فيه فقال: دبر كل شيء منه كدبر الحيوان (٤)

قلت: وهذا يخالف ما نقلته عنه في الموضع الثاني، فلعل له قولين، أو أنه تراجع عما نقله عنه ابن القيم.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: دبر الصلاة يطلق على معنيين: أحدهما: آخر الصلاة يعني قبل السلام، والآخر: بعد السلام (٥)

وذلك حسب سياق الأحاديث، فإن كانت تتعلق بالدعاء فأكثرها يدل على أن المراد آخر الصلاة قبل السلام، وأما إن كانت_الأحاديث الواردة دبر الصلاة_ تتعلق بالأذكار، فمعناه بعد السلام.

لكن الحافظ ابن حجر يرى أن المراد بدبر الصلاة في الأحاديث بعد السلام سواء كانت تتعلق بالأذكار أو بالدعاء فكلها محلها بعد الصلاة ولذلك قال:

(فان قيل: المراد بدبر كل صلاة قرب آخرها وهو التشهد، قلنا: قد ورد الأمر بالذكر دبر كل صلاة، والمراد به بعد السلام إجماعا فكذا هذا حتى يثبت ما يخالفه) (٦) وقال في موضع آخر (وزعم بعض الحنابلة أن المراد بدبر الصلاة ما قبل السلام، وتعقب بحديث (ذهب أهل الدثور)، فإن فيه تسبحون دبر كل صلاة، وهو بعد السلام جزما فكذلك ما شابهه) (٧)


(١) - (٢/،٤٧٠،٤٧١)
(٢) - (ق ٤٠)
(٣) - مجموع الفتاوى (٢٢/ ٥١٦)
(٤) - (زاد المعاد١/ ٣٠٥)
(٥) - (تحفة لإخوان بأجوبة مهمة تعلق بأركان الإسلام ص ١٢٨_١٣٠
(٦) - فتح الباري١١/ ١٣٣)
(٧) - الفتح٢/ ٣٣٥)

<<  <   >  >>