للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(خَِطَابَةٌ) بفتح الخاء يعني أولها خطابة سميت بذلك لأن القصد بها ترغيب المخاطب فيما يفعله كما يفعله الخطباء والوعاظ فلذلك سميت خطابة، ففيها ترغيب المخاطب فيما يفعله، من حيث التعريف عندهم المنطقي قالوا: الخطابة هي قياس مؤلف من مقدمات مقبولة أو من مقدمات مظنونة، اصطلاح خاص عندهم، القياس مؤلف من مقدمات مقبولة قالوا كالصادرة من إنسان تعتقد صلاحه في دينه وعلمه، إذا صدرت المقدمات النصائح سموها مقدمة، جملة مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل حينئذ يسمى ماذا؟ إذا كان الرجل اعتقد صلاحه وعلمه يسمى ماذا؟ مقبولاً، أو من مقدمات مظنونة وهي التي يُحكم فيها بالعقل بواسطة الظن مع تجويز النقيض. إذًا الخطابة: قياس مؤلف من مقدمات مقبولة كالصادرة من إنسان تعتقد صلاحه لدينه أو علمه، أو من مقدمات مظنونة وهي التي يحكم بها العقل بواسطة الظن مع تجويز النقيض، مثاله مثال المقبولة: العمل الصالح يورث الفوز، وكل ما كان كذلك لا ينبغي إهماله، ينتج العمل الصالح لا ينبغي إهماله. هذه كلها مقبولة.

مثال المظنونة: فلان يطوف بالليل بالسلاح، هذا مظنون يحتمل النقيض، فلان من الناس يطوف بالليل بالسلاح، وكل من كان كذلك متلصص، مظنونة هذا يحتمل، ليس كل من طاف بالسلاح فهو متلصص، يُنتج أن فلانًا متلصص. (شِعْرٌ) الشعر سمي بذلك لأن الغرض منه ترغيب الناس أو ترهيبها، وهو انفعال الناس بترغيب في شيء أو تنفيرهم، الشعر ليس المراد به الشعر هذا أوزان وغيره، لا، المراد به قياس مؤلف من مقدمات تنبسط منها النفس أو تنقبض، فالأول ما تنبسط منه النفس كمن يريد، ظالم يريد الترغيب في شرب الخمر أو شيء من المحرمات هذه خمرة، وكل خمرة ياقوتة سيالة، سنتج هذه ياقوتة سيالة، هذا أراد أن يرغب في ماذا؟ في شيء محرم، هذه خمرة، وكل خمرة ياقوتة سيالة

، والثاني كمن يريد التنفير من العسل مثلاً قال: هذا عسل، وكل عسل مرة مهوعة، فهذا مرة مهوعة. يعني مقيئة تسبب القيء أراد أن يُنفر من العسل [جدل نعم] (١).

(خَِطَابَةٌ شِعْرٌ وَبُرْهَانٌ) هذا الثاني برهان سمي بذلك لأنه مأخوذ من البره وهو القطع لما فيه من قطع الخصم عند المنازلة، والقياس الجلي عندهم هو هذا النوع البرهان، (وَبُرْهَانٌ) برهان هذا سيأتي تفصيله عنده (أَجَلُّهَا الْبُرْهَانُ)، (جَدَلْ) يعني وجدل على حذف حرف العطف بفتح أوله (جَدَلْ) سُمِّيَ بذلك لأنه يقع في المجادلة وهو قياس مؤلف من مقدمات مشهورة أو مسلمة إما عند الناس وإما عند الخصم، يعني مسلمة بين الخصمين، سواء كانت صادقة أم كاذبة، والمقصود به قهر الخصم وإقناع من لا قدرة له على البرهان، الجدل قياس مؤلف من مقدمات مشهورة أو مسلمة إما عند الناس على جهة العموم أو عند الخصم.

مثال الأول - يعني المشهورة -: الظلم قبيح، وكل قبيح يشين، ينتج الظلم يشين.

مثال الثاني: الإحسان خير، وكل خير يزين، ينتج الإحسان يزين.

مثال الثالث: قول زيد: خبر عدل، وكل ما هو كذلك يعمل به، يُنتج قول زيد يعمل به.


(١) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>