للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القضايا التي يدركها العقل بسبب المشاهدة بالحس الباطن نحو ماذا؟ الجوع مؤلم، هذه بماذا يدركها؟ بالإحساس، لكنه إحساسًا ليس صوريًّا ظاهر يعني شيء يُرى، وإنما هو شيء باطن وتسمى وُجدانيات، كالعلم بأنك جائع أو غضبان أو متألم أو متلذذ، وأما القضايا التي يدركها العقل بسبب المشاهدة بالحس الظاهر فهي المحسوسات، وهذا سيأتي ذكرها في فيما سيأتي. (مُجَرَّبَاتٍ) يعني ومجربات، وهي ما يُدركها العقل بواسطة تكرار يفيد اليقين، يعني تكرر الشيء فعل الشيء أول مرة لا يدل أو لا يفيد اليقين، لكن إذا تكرر مرة بعد مرة حينئذ أفاد اليقين، ما يدركها العقل بواسطة تكرار يفيد اليقين، نحو ماذا؟ النار محرقة هذا من أول مرة قد لا يفيد، هذا يسمى المجرب، ويُعبر عنها باطراد العادات وجعلها بعضهم من النظريات لملاحظة القياس الخفي، وجعله بعضهم واسطة بينهما، والأكثر على أنها ظنيات، والأكثر على أن هذه المجربات ظنيات وليست بقينيات، يعني خولف الناظم هنا، و (مُجَرَّبَاتٍ مُتَوَاتِرَاتِ) يعني ومتواترات، وسبق أن التواتر نوع مما يفيد العلم اليقيني، وإن اختلف هل العلم اليقيني ضروري أو نظري، فالمتواترات هي ما يُدركها العقل بواسطة السماع عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، وجعلها بعضهم من النظريات، وبعضهم واسطة بين الضروريات والنظريات، و (وَحَدَسِيَّاتٍ)، (وَحَدَسِيَّاتٍ) بتحريك الدال لضرورة الوزن وإلا الأصل حدْسِيات، بإسكان الدال لأنه المقصود من الْحَدْسِ وهو الظن، والحدسيات هي القضايا التي يُدركها العقل بواسطة حَدْسٍ بين يُفيد العلم، نحو ماذا؟ نور القمر مستفاد من نور الشمس، يعني حكم بها العقل بواسطة الحس، حكم بها العقل والحس من غير توقف على تكرر، والأكثر على أنها من الظنيات، يعني خولف الناظم بجعلها من اليقينيات والمجربات الأكثر على أنها من الظنيات والحدسيات الأكثر على أنها من الظنيات، (وَمَحْسُوسَاتِ) جمع محسوس وهي ما يُدركها العقل بواسطة الحس الظاهر مقابل الحس الباطن، نحو الشمس مشرقة، وذهب بعضهم إلى أن الحس لا يفيد اليقين لغلطه في أمور.

إذًا هذه جعلها الناظم مقدمات يقينية وخولف في بعضها، ولذلك قال: (فَتِلْكَ) فتلك هذا تحصيل بعد تفصيل، (فَتِلْكَ) المذكورات (جُمْلَةُ اليَقِيْنِيَّاتِ) يعني التي يتألف البرهان منها لإنتاج اليقين، (جُمْلَةُ) يعني جماعة كل شيء، جماعة كل شيء يُسمى جملة، إذًا جملة اليقينيات هي ما ذكرها الناظم في قوله:

أَوَّلِيَّاتٍ مُشَاهَدَاتِ ... مُجَرَّبَاتٍ مُتَوَاتِرَاتِ

وَحَدَسِيَّاتٍ وَمَحْسُوسَاتِ ... ......................

ستة أقسام.

وَفِيْ دَلالَةِ المُقَدِّمَاتِ ... عَلَى النَّتِيْجَةِ خِلافٌ آتِ

عَقْلِيٌّ أَوْ عَادِيٌّ أَوْ تََولُّدُ ... أَوْ وَاجِبٌ وَالأَوَّلُ المُؤَيَّدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>