صفات ما يسمونه مادة أو طبيعة، لالتقوا -ولا شك- مع الإسلام في نقطة واحدة، فارتفع الخلاف العلمي وأسلم الكلُّ لله.
وعلى ذكر اللوم الإرشادي لاح لي أنْ أصوِّر الرقي والانحطاط في النَّفس، وكيف ينبغي للإنسان العاقل أن يعاني إيقاظ قومه، وكيف يرشدهم إلى أنهم خُلِقوا لغير ما هم عليه من الصَّبر على الذُّلِّ والسَّفالة، فيذكِّرهم، ويحرِّك قلوبهم، ويناجيهم، وينذرهم بنحو الخطابات الآتية:
"يا قومُ: ينازعني والله الشعور، هل موقفي هذا في جمع حيٍّ فأحيّيه بالسلام؟ أم أنا أخاطب أهل القبور فأحييهم بالرحمة؟ يا هؤلاء، لستم بأحياء عاملين، ولا أموات مستريحين، بل أنتم بين بين: في برزخٍ يسمّى التنبُّت، ويصرح تشبيهه بالنّوم! يا ربّاه: إني أرى أشباح أناس يشبهون ذوي الحياة، وهم في الحقيقة موتى لا يشعرون، بل هم موتى؛ لأنهم لا يشعرون".
"يا قوم: هداكم الله، إلى متى هذا الشقاء المديد والنّاس في نعيمٍ مقيم، وعزٍّ كريم، أفلا تنظرون؟ وما هذا التأخُّر، وقد سبقتكم الأقوام ألوف مراحل، حتى صار ما بعد ورائكم أماماً! أفلا تتبعون؟ وما هذا الانخفاض والناس في أوج الرّفعة، أفلا تغارون؟ أناشدكم الله؛ هل طابت لكم طول غيبة الصواب عنكم؟ أم أنتم كأهل ذلك الكهف ناموا ألف عام ثمَّ قاموا، وإذا بالدنيا غير الدنيا، والناس غير الناس، فأخذتهم الدهشة والتزموا السكون؟ ".