والأسارة هي شجرة الزقّوم، وسقياها أنهر من الدم الأبيض؛ أي الدموع، ولو كبرت نفوسكم لتفاخرتم بتزيين صدوركم بورد الجروح لا بوسامات الظالمين؟! ".
"يا قومُ: وأعني منكم المساكين، .. أيها المسلمون: إني نشأت وشبت وأنا أفكِّر في شأننا الاجتماعي، عسى أهتدي لتشخيص دائنا، فكنتُ أتقصّى السبب بعد السبب، حتى إذا وقعتُ على ما أظنُّه عاماً، أقول: لعلَّ هذا هو جرثومة الدّاء، فأتعمَّق فيه تمحيصاً وأحلِّله تحليلاً، فينكشف التحقيق عن أنَّ ما قام في الفكر هو سبب من جملة الأسباب، أو هو سبب فرعي لا أصلي، فأخيب وأعود إلى البحث والتنقيب. وطالما أمسيتُ وأصبحتُ أجهد الفكر في الاستقصاء، وكثيراً ما سعيتُ وسافرتُ لأستطلع آراء ذوي الآراء، عسى أهتدي إلى ما يشفي صدري من آلام بحث أتعبني به ربِّي. وآخر ما استقرَّت عليه سفينة فكري هو:
إنَّ جرثومة دائنا هي خروج ديننا عن كونه دين الفطرة والحكمة، دين النظام والنشاط، دين القرآن الصريح البيان، إلى صيغة أنَّا جعلناه دين الخيال والخبال، دين الخلل والتشويش، دين البِدَع والتشديد، دين الإجهاد. وقد دبَّ فينا هذا المرض منذ ألف عام، فتمكَّن فينا وأثَّر في كلِّ شؤوننا، حتى بلغ فينا استحكام الخلل في الفكر والعمل أننا لا نرى في الخالق -جلَّ