للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالنمل والنحل، ولا أثر له في الحيوانات المرتقية غير الإنسان. الإنسان تطبَّع على التموُّل لدواعي الحاجة المحقَّقة أو الموهومة، ولا تحقُّق للحاجة إلا عند سكان الأراضي الضيّقة الثمرات على أهلها، أو الأراضي المعرَّضة للقحط في بعض السنين، ويلتحق بالحاجة المحقَّقة حاجة العاجزين جسماً عن الارتزاق في البلاد المبتلاة بجور الطبيعة أو جور الاستبداد، وربما يلتحق بها أيضاً الصرف على المضطرين وعلى المصارف العمومية في البلاد التي ينقصها الانتظام العام.

والمراد بالانتظام العام، معيشة الاشتراك العمومي التي أسسها الإنجيل بتخصيصه عشر الأموال للمساكين، ولكن؛ لم يكد يخرج ذلك من القوة إلى الفعل، ثمَّ أحدث الإسلام سُنَّة الاشتراك على أتمِّ نظام، ولكن؛ لم تدم أيضاً أكثر من قرنٍ واحد كان فيه المسلمون لا يجدون من يدفعون لهم الصدقات والكفّارات، وذلك أنَّ الإسلامية - كما سبق بيانه- أسست حكومة أرستقراطية المبنى، ديمقراطية الإدارة، فوضعت للبشر قانوناً مؤسساً على قاعدة: إنَّ المال هو قيمة الأعمال، ولا يجتمع في يد الأغنياء إلا بأنواع من الغَلَبة والخداع.

فالعدالة المطلقة تقتضي أن يؤخذ قسمٌ من مال ويُردّ على الفقراء؛ بحيث يحصل التعديل ولا يموت النشاط للعمل. وهذه القاعدة يتمنّى ما هو من نوعها أغلب العالم المتمدن الإفرنجي، وتسعى وراءها الآن جمعيات منهم منتظمة مكوَّنة من ملايين كثيرة. وهذه الجمعيات تقصد حصول التساوي أو

<<  <   >  >>