للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(مُجَرَّبَاتٍ) وهي ما يحتاج العقل في الجزم بحكمه إلى تكرار المشاهدة مرة بعد أخرى]، التجربة لا بد فيها من التكرار، إذًا هنا الحكم بواسطة العقل، العقل يحكم لكن بواسطة التجربة [كقولنا: السقمونيا مسهلة للصفراء] يعني نوع من أنواع الدواء مسهلة للصفراء يستعملها زيد ثم عمرو ثم خالد ثم مع التجربة والتكرار نقول: أفادت اليقين، والكثير من المناطقة كغيرهم أن المجربات تفيد الظن وليست من الأمور القطعية، ولذلك يأخذ الدواء وهو من المجربات ولا يكون يقينًا في رفع البلاء والكثير أنها من الظنيات. كلام المصنف على أن المجربات من الضروريات وقيل من النظريات لكن الكثير على أنها من الظنيات. [و (مُتَوَاتِرَاتِ) وهي ما يحكم العقل فيها بواسطة السماع من جمع يُؤمن تواطؤهم على الكذب كقولنا: سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ادعى النبوة] هذا نقل إلينا تواترًا وجاء نصه في القرآن لكن من باب التمثيل مثال، وظهرت المعجزة على يديه هذا متواتر، وهو يفيد القطع يعني بحث المتواتر عند أهل الاصطلاح وعند أرباب الوصول وكذلك عند المناطقة، والكلام فيها هل يفيد القطع أو اليقين، (وَحَدَسِيَّاتٍ) أصله حَدْسِيَّات، ولكن [حركت] (١) الدال للضرورة، حدسيات لأنه مأخوذ من الْحَدْسِ بإسكان الدال وهو الظن، وحدسيات [بتحريك الدال للضرورة، وهي ما يحكم العقل فيه بواسطة حدس أو ظن مستند إلى أمارة] يعني تجربة، أمارة هنا بمعنى تجربة. إذًا العقل يحكم لكن بواسطة [كقولنا: نور القمر مستفاد من نور الشمس] هذا ظن ما أَدْرَكَهُ؟ يعني ما رآه حتى يحكم وليس من التجربة وليس من الوجدانيات، وإنما هو ظن، [نور القمر مستفاد من نور الشمس لاختلاف تشكلاته النورية بحسب قربه من الشمس وبعده عنها]، وهذا القول بأنها من الضروريات فيه نظر والصواب أنها من الظنيات. [(وَمَحْسُوسَاتِ) وهي ما يحكم به العقل بواسطة الحس الظاهر]، وهذه هي عين المشاهدات السابقة، ولذلك الكثير لم يفرق بينهما، المشاهدات هي المحسوسات، لأن المشاهدة بمعنى الحس، والحس بمعنى المشاهدة، إذًا هما بمعنى واحد، والناظم فرق بينهما وجعل السابق يختص بالوجدانيات وما عداه محسوسات، [ما يحكم به العقل بواسطة الحس الظاهر من غير توقف على شيء آخر، من قولنا: الشمس مشرقة والنار محرقة]. الشمس مشرقة تراها أنت هذا واضح أنه يقين، والنار محرقة لأن الإحراق يدرك بالحس، يدرك بماذا؟ بالحس، حس يعني مباشرة هذا لمن لمن ذاقها، أما الذي لم يذق أدرك بالحس؟ لا، وإنما بالعلم الضروري، النار محرقة هل جربت؟ لا، من أخبرك؟ إذًا صارت هذه مقدمة مشهورة، النار محرقة، إما أنك رأيت من أحرقته وهذا واضح أنه مشاهد، وإن لم تر من أحرقته كله أو جزئه، وإنما حكمت حينئذ يكون العقل حاكم بواسطة الحس، لكن لا لحسك أنت إنما لحس غيرك.


(١) قال الشيخ: حذفت.

<<  <  ج: ص:  >  >>