للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا ختام ما ذكره في هذا النظم، (هَذَا تَمَامُ الغَرَضِ المَقْصُودِ) المقصود [صفة كاشفة أي هذا آخر التأليف الذي قصدناه] (مِنْ أُمَّهَاتِ المَنْطِقِ المَحْمُودِ)، (مِنْ) هذه تبعيض يعني بعض أمهات المنطق، أو بيانية لكن الظاهر أنها تبعيضية، لأنه لم يذكر كل القواعد إنما ذكر شيئًا منها، [(مِنْ) بيانية أو تبعيضية، (أُمَّهَاتِ) أي قواعد]، والأصل يقول: أمات، ... [(المَنْطِقِ المَحْمُودِ) أي الخالي عن شُبَهِ الفلاسفة]. إذًا ما نظمه في هذا النظم إنما أراد به النوع الأول الذي هو خال عن شبه الفلاسفة، بعضهم يرى أنه لا فرق بين النوعين، وهذا يطالب بالإثبات، يعني من يقول بأنه لا فرق بينه - وهذه دعوى - دعاها أرباب المنطق نقول: هذا ((السلم)) بين يديك وهذا ((إيساغوجي)) بين يديك، وهذا ((مختصر السنوسية)) بين يديك فأت بما هو من عقيدة الفلاسفة ونحوهم. [(قَدِ انْتَهَى) ملتبسًا (بِحَمْدِ رَبِّ الفَلَقِ) أي الصبح، (مَا رُمْتُهُ) أي] الذي [قصدته (مِنْ فَنِّ عِلْمِ المَنْطِقِ) إضافة العلم إلى المنطق من إضافة المسمى إلى الاسم] لأن المنطق عَلَم، والْعِلْم هو المسمى، مسمى إلى الاسم، [وهذا البيت لوالد المصنف أمره بإدخاله فأدخله رجاء بركته]، يعني رآه في النوم فأخبره أنه قد نظم قال له:

قَدِ انْتَهَى بِحَمْدِ رَبِّ الفَلَقِ ... مَا رُمْتُهُ مِنْ فَنِّ عِلْمِ المَنْطِقِ

- - -

نَظَمَهُ العَبْدُ الذَّلِيلُ المُفْتَقِرْ ... لِرَحْمَةِ المَوْلَى العَظِيمِ المُقْتَدِرْ

الأَخْضَرِيُّ عَابِدُ الرَّحْمَنِ ... المُرْتَجِي مِنْ رَبِّهِ المَنَّانِ

مَغْفِرَةً تُحِيطُ بِالذُّنُوبِ ... وَتَكْشِفُ الغِطَا عَنِ القُلُوبِ

وَأَنْ يُثِيبَنَا بِجَنَّةِ العُلاَ ... فَإِنَّهُ أَكْرَمُ مِنْ تَفَضَّلاَ

(نَظَمَهُ العَبْدُ الذَّلِيلُ المُفْتَقِرْ) أبلغ من الفقير، (لِرَحْمَةِ) أي إنعام ... (المَوْلَى العَظِيمِ المُقْتَدِرْ) أي التام القدرة فهو أبلغ من القادر، (الأَخْضَرِيُّ) قال المؤلف في شرحه هو تعريف لنسبنا بناءً على ما اشتهر في ألسنة الناس وليس كذلك، بل المتواتر من أسلافنا، وأسلافهم أن نسبنا للعباس بن مرداس (عَابِدُ الرَّحْمَنِ) إشارة إلى أن اسم المصنف عبد الرحمن (الْمُرْتَجِي) أي المؤمل (مِنْ رَبِّهِ) أي مالكه ومربيه (المَنَّانِ) أي المنعم بجميع النعم أو المعدد للنعم، وأما النهي عن المنة فللمخلوق، وأما الخالق فيفعل ما يشاء (مَغْفِرَةً) من الغفر وهو الستر، والمراد هنا عدم المؤاخذة (تُحِيْطُ) تلك المغفرة (بِالذُّنُوبِ) جميعًا، فإن الله رب كريم لا يخيب قاصده. قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر: ٥٣] (وَتَكْشِفُ) تلك المغفرة (الغِطَا عَنِ القُلُوبِ) أي تزيل حُجُبَ رَيْنِ الذنوب المحدقة بأنوار القلوب الحائلة بينها وبين علام الغيوب. (وَأَنْ يُثِيْبَنَا) أي يجازينا (بِجَنَّةِ العُلا) أي بدخولها مع السابقين (فَإِنَّهُ) سبحانه وتعالى (أَكْرَمُ مَنْ تَفَضَّلا). أنعم، وإنعامه تعالى على العباد تفضلاً منه لا وجوبًا عليه.

ــ - الشرح - ــ

<<  <  ج: ص:  >  >>