للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجهة، وفي هذا المبحث سوف نُحَاول توضيح كيفية استخدام أولئك القوم لهذه التَّواريخ في التوصل للفَهْم الصَّحِيح، وسَلامة الاسْتِنْبَاط.

المثال الأول: ما أخرجه البخاري في الصحيح، من حديث مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ: «هَذَا وَاللَّهِ مِنَ الحُمْسِ فَمَا شَانُهُ هَا هُنَا» ". (١)

قَالَ الحَافظُ ابْنُ حَجَرٍ في الفتح: " وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ (٢): وَقْفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ كَانَتْ سَنَةَ عَشْرٍ، وَكَانَ جُبَيْرٌ حِينَئِذٍ مُسْلِمًا لأَنَّهُ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ؛ فَإِنْ كَانَ سُؤَالُهُ عَنْ ذَلِكَ إِنْكَارًا أَوْ تَعَجُّبًا فَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ نُزُولُ قَوْله تَعَالَى: "ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس"، وَإِنْ كَانَ لِلاسْتِفْهَامِ عَنْ حِكْمَةِ الْمُخَالَفَةِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ الْحُمْسُ فَلا إِشْكَالَ". (٣)

قلت: قال الأزهري: " الحُمْسُ: قُرَيْش وَمن ولدت قُرَيْش وكنانة، وجَديلَةُ قيس، وهم فهْم وَعَدْوان ابْنا عَمْرو بن قَيْس عَيْلاَن، وَبَنُو عَامر بن صعصعة هَؤُلاءِ الحُمْس، سُمُّوا حُمْساً لأَنهم تَحمَّسُوا فِي دينهم أَي تَشَدَّدوا، قَالَ: وَكَانَت الحُمْسُ سُكَّانَ الْحرم، وَكَانُوا لا يخرجُون أَيَّام المَوْسِم إِلَى عَرَفَات، وَإِنَّمَا يقفون بالمُزْدَلِفة ". (٤)


(١) البخاري، الجامع الصحيح، كِتَابُ الحَجِّ، بَابُ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، (٢/ ١٦٢)، رقم: ١٦٦٤.
(٢) انظر: محمد بن يوسف، الكرماني، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري، (٨/ ١٦٠).
(٣) ابن حجر العسقلاني, فتح الباري، (٣/ ٥١٧).
(٤) محمد بن أحمد الأزهري, تهذيب اللغة، (٤/ ٢٠٦).

<<  <   >  >>