للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا وَهِيَ كَائِنَةٌ» ". (١)

قَالَ ابنُ عَبْد البَر في الاستذكار: "وَبَنُو الْمُصْطَلِقِ هُمْ مِنْ خُزَاعَةَ وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بِهِمْ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْمُرَيْسِيعُ مِنْ نَحْوٍ فَرِيدٍ، وَذَلِكَ فِي نَحْوِ سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ وَالْغَزْوَةُ تُعْرَفُ بِغَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَغَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ، وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُوسَى ابْنُ عَقَبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ بن مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِالإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ أَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ أوطاس وأنهم أرادوا أن يستمعتوا مِنْهُنَّ وَلا يَحْمِلْنَ فَسَأَلُوا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ ((مَا عَلَيْكُمْ أَلا تَفْعَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)) (٢)، فَجَعَلَ مُوسَى بْنُ عَقَبَةَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ، وَسَبْيُ أَوْطَاسٍ هُوَ سَبْيُ هَوَازِنَ وَسَبْيُ هَوَازِنَ إِنَّمَا سُبِيَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فَوَهِمَ مُوسَى بْنُ عَقَبَةَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ". (٣)

قلت: أَشَارَ ابنُ عَبْد البَر إلى التَّعارض بين الرِّوايات التي ذَكَرتْ أنَّهم أَصَابُوا السَبْي فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وبين تلك التي ذَكَرتْ أنَّهم أَصَابُوا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ أوطاس، فاستخدم ابنُ عَبْد البَر تاريخ النَّص للتَّرجِيح بين هاتين


(١) مالك بن أنس، الموطأ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ، كِتَابُ الطَّلاقِ، (٤/ ٨٥٧)، رقم: ٢٢٠٦.
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه، باب ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا هُوَ الْقَدْرُ"، كتاب العزل، (٩/ ٥٠٤)، برقم: ٤١٩٣.
(٣) يوسف بن عبد الله بن عبد البر، القرطبي، الاستذكار، (٦/ ٢٢٢).

<<  <   >  >>