للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (١) ومن نبز هذا بأنه ظلم للمرأة، فإنه يحارب الله ورسوله، فالمؤمنون لا يختارون إلا ما اختاره الله ورسوله لهم {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (٢) وقد راعى الإسلام ما كلّف به الرجل تجاه المرأة، فقد يدفع دمه ثمنا لعزها وكرامتها، وما أنفقوا من أموالهم، في مهورهنّ والنفقة عليهنّ، وقد استدل جماعة من العلماء بقوله تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (٣) على جواز فسخ النكاح إذا عجز الزوج عن النفقة على زوجته وكسوتها، ويستنبط من قصة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه لما عجز عن النفقة المطلوبة اعتزلهن شهرا، حتى نزلت آية التخيير، وقد سلف بيان هذا، وهذا من تكريم المرأة، وتوفير الحياة الكريمة لها.

وهذا حكم من الله تعالى، لا يعترض عليه مؤمن، وقد أخذ العلماء من هذا الحكم الرباني أن ديته كذلك ضعف دية المرأة، وأجمعت الأمة على ذلك من عهد الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون ومن بعدهم التابعون، وكذلك أتباع التابعين ومنهم الأئمة الأربعة وأعلام الأمة المحمدية إلى يومنا هذا، ولم نعلم لهم مخالفا في ذلك، وذلك لما ميز الله به الرجل من القوامة وتحمّل أعباء الأسرة، ولأن فقد رب الأسرة وراعيها ليس أمرا هينا، فهم


(١) الآية (١١) من سورة النساء.
(٢) الآية (٣٦) من سورة الأحزاب.
(٣) من الآية (٣٤) من سورة النساء.

<<  <   >  >>