(والحِجَابِ مِنْ آياتِ) من آياتِ هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف بيان للحجاب وإن شئت تقول: حال. والأصل من آيات الحجاب حصل تقديم وتأخير (والحِجَابِ مِنْ آياتِ) أصل التركيب وآيات الحجاب أليس كذلك؟ وآيات الحجاب فقدم وأخر وفصل من أجل يعني: الوزن ونحوه ويصح بإظهار (مِنْ) كما تقول: خاتمُ حديدٍ وخاتمٌ من حديدٍ. يجوز هذا وذاك، (مِنْ آياتِ) أي: كما ثبت لآيات الحجاب من سبب، (خَلْفَ المَقَامِ الأَمْرُ بالصَّلاةِ)(خَلْفَ) هذا متعلق بالصلاة وهو مضاف والمقام مضاف إليه ... (الأَمْرُ) هذا معطوف على (لإِفْكِهِمْ) أي: كما ثبت للأمر بالصلاة خلف المقام من قصة وسبب (والحِجَابِ مِنْ آياتِ) المراد بها قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}[الأحزاب: ٥٣] و (خَلْفَ المَقَامِ الأَمْرُ بالصَّلاةِ) هذان موضعان من موافقات عمر رضي الله تعالى عنه ولذلك دليلها واحد.
في البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه: وافقت ربي في ثلاثٍ - هي أكثر من ثلاث والعدد لا مفهوم له هنا - وافقت ربي في ثلاث قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو اتخذنا مقام إبراهيم مصلى، فنزلت {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: ١٢٥]- إذًا هذا سبب النزول - وقلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب - ذكرناها سابقًا - واجتمع على رسول الله نساؤه في الغيرة فقلت لهن (عَسَى ربّه إن طلقكنَّ أَن يبدله) ... الآية فنزلت كما هي. هذه ثلاث موافقات لعمر رضي الله تعالى عنه.
هذا المراد بها أمثلة لآيات سببية يعني: لها سبب نزول.
ثم قال:
النوع الحادي عشر: أَولُ ما نَزَلَ
والمراد بالأولية هنا المطلقة يعني: الذي لم يسبقه قرآن، ليس أول ما نزل في آية القتال أو أول ما نزل في آيات مثلاً بيان المنافقين وفضحهم، لا، المراد أول ما نزل من القرآن وكانت الأولية مطلقة حيث لم يسبق أن نزل قرآن قبل تلك الآيات.
النوع الحادي عشر: أَولُ ما نَزَلَ من القرآن مطلقًا