(اقْرأْ عَلَى الأَصَحِّ) هذا مراد به الحكاية وهو خبر مقدم (أَوَّلُهُ) هذا مبتدأ مؤخر فالتركيب حينئذٍ (أَوَّلُهُ) أي: أول القرآن نزولاً مطلقًا (اقْرأْ عَلَى الأَصَحِّ) على القول الأصح فتفهم من قوله: (عَلَى الأَصَحِّ). أن ثم أقوالاً أُخر ولذلك أكثر ما حكي من أول ما نزل من القرآن مطلقًا أربعة أقوال: اقرأ المراد بها صدرها، والمدثر والمراد بها صدرها خمس آيات، وقيل: البسملة. وقيل: الفاتحة. ولما كان القول الثالث الفاتحة ضعيفًا والبسملة أيضًا قول ضعيف حينئذٍ ذكر المصنف قولين فقط واقتصر عليهما وصحح الأول وذكر الثاني من باب العلم بالشيء، (اقْرأْ عَلَى الأَصَحِّ) أوله يعني: أول ما نزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوليةً مطلقةً بحيث لم يسبقه شيء البتة (اقْرأْ) على القول الأصح وهو قول الأكثر من أهل العلم وهو الصحيح وهو المرجح لظاهر السنة لما في الصحيحين من حديث عائشة حديث بدء الوحي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها الحديث الطويل في البخاري في أوله قالت: جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أنا بقارئ». فذكرت الحديث وفيه: ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى قوله: {عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: ١ - ٥]. حينئذٍ إذا أطلق القول بأن (اقْرأْ) أول ما نزل حينئذٍ نحمله على ماذا؟ على صدر اقرأ الخمس الآيات الأول ليست على السورة كلها وإنما على أولها.
(اقْرأْ عَلَى الأَصَحِّ، فالمُدَّثِّرُ) الفاء هذه عاطفة وأراد به الترتيب، وهل هو ترتيب النزول أو ترتيب الأقوال؟
يحتمل (اقْرأْ عَلَى الأَصَحِّ، فالمُدَّثِّرُ) بعده يعني بعد (اقْرأْ) أو فالقول الآخر الذي يقال بأن الأصح المدثر يحتمل هذا حينئذٍ إذا قيل: فالمدثر بعده يعني في النزول يكون قد تضمن ماذا؟ ردًّا على من قال بأن المدثر هي أول ما نزل. وأثبت بأن اقرأ هي أول ما نزل وأن المدثر بعده، ولذلك يقال: نُبِّأ بـ: ... (اقْرأْ) وأرسل بالمدثر، حصلت النبوة بـ: اقرأ وحصلت النبوة بالمدثر ... (فالمُدَّثِّرُ) بعده هذا إذا جعلناها ماذا؟ في النزول وإذا جعلنا الترتيب هنا للأقوال فالقول الثاني المدثر هي أول ما نزل لكن قوله:(أَوَّلُهُ). حكاية للمبتدأ بعد القولين قد يفهم منه أن المراد حكاية القولين كأنه قال: اقرأ على الأصح أوله (فالمُدَّثِّرُ أَوَّلُهُ) إذًا حكى ماذا؟ حكى القولين (والعَكْسُ) سيأتي دليل المدثر (والعَكْسُ قَومٌ يَكْثُرُ) العكس، فالعكس هنا المراد به العكس اللغوي وهو المخالف لا العكس الاصطلاح المنطقي.
العكس قلب جزأي القضية ... إلى آخره نقول هذا اصطلاح المناطقة والمراد به هنا العكس اللغوي يعني: خلافه. يعني:(والعَكْسُ) يعني: خلاف القول السابق (قَومٌ يَكْثُرُ) يعني: قوم كثير عددهم. (قَومٌ يَكْثُرُ) يعني: وهو أن المدثر نزلت أولاً ثم اقرأ (قَومٌ يَكْثُرُ) القائلون بهذا القول قوم كثر لا يُحصرون حينئذٍ اختار القول الأول كثيرون واختار القول الثاني كثيرون أيضًا حينئذٍ نحتاج إلى ماذا؟ إلى الدليل الفاصل.