وهذا أيضًا فيه خلاف طويل عريش، وليس فيها حديث مرفوع عن ... النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ نحمل كل الأقوال الواردة عن الصحابة أنها من اجتهاد الصحابة وإذا كانت من الاجتهاد حينئذٍ لا تنافي بينها، كل منهم يحكي ما سمعه آخرًا بأنه آخر ما نزل، يمكن أو لا؟ كل من سمع قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهرين أو ثلاثة ثم ذهب ولم يلتقِ يقول: آخر ما نزل من النبي - صلى الله عليه وسلم - كيت وكيت. فيحكي ماذا؟ يحكي حاله مع سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فيأتي آخر ويقول: آخر ما نزل كيت كيت. حينئذٍ ماذا؟ يحكي ما سمعه من حاله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تنافي، ولذلك القطع بآخر ما نزل هذا فيه نوع صعوبة من كثرة الأقوال وصحتها.
(وآَيَةُ الكلالَةِ) الكلالة الذي لا والد له ولا ولد، (وآَيَةُ الكلالَةِ) ذكرنا أنها في موضعين من سورة النساء الأولية والأخروية، الأولية هذه يقال: أنها شَتَوِيَّة. والأُخْرَوِيَّة هذه صيفية أليس كذلك؟
(وآَيَةُ الكلالَةِ الأَخِيْرَةْ) ماذا يقصد الأخيرة هنا الأخيرة أو الأخيرة في النزول؟ يحتمل (وآَيَةُ الكلالَةِ الأَخِيْرَةْ) هل يريد أن يخص آية الكلالة بكونها الأخيرة احترازًا من الأولى فحينئذٍ ما الذي يحكم بكون آية الكلالة الأخيرة هي آخر ما نزل؟
العنوان الترجمة - أحسنت - حينئذٍ لو حمل قوله:(وآَيَةُ الكلالَةِ الأَخِيْرَةْ) احترازًا عن الأولى بأن هي آخر ما نزل حينئذٍ نأخذ الحكم عليها بأنها آخر ما نزل من الترجمة لأني بدأت معكم بأن الترجمة داخلة في ماذا؟ في مضمون الآيات.
(وصَنَّفَ الأَئِمَةُ الأَسْفَارا فِيهِ) قلنا: الضمير يرجع إلى ماذا؟ إلى الترجمة، إذًا مضمون الترجمة داخل ومعتبر عند الناظم في الأبيات هنا (وآَيَةُ الكلالَةِ الأَخِيْرَةْ) بمعنى التي في آخر سورة النساء احترازًا من الأولى بأنها آخر ما نزل نأخذه من الترجمة، ولو جعل بالأخيرة بأن الأخيرة في النزول حينئذٍ لا بد من صفة محذوفة وآية الكلالة التي في آخر النساء أو الأُخْرَوِيَّة أو إن شئت تقول: الصيفية. احترازًا من الأولى، لأن الأولى ليست صيفية شَتَوِيَّة، وآية الكلالة الصيفية الأخيرة في النزول صار الأخيرة هذا خبرًا عن المبتدأ وعن الأول يكون ماذا؟ يصير صفة يجوز الوجهان ولا مانع لك أن تحمل هذا أو ذاك (وآَيَةُ الكلالَةِ الأَخِيْرَةْ) روى الشيخان عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه أنه قال: آخر آية نزلت {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ}[النساء: ١٧٦]. آخر آية نزلت برأي البراء بن عازب {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ}[النساء: ١٧٦] إلى آخر الآية، وآخر سورة نزلت براءة. هذا الكلام متم لقول البراء آخر آية نزلت {يَسْتَفْتُونَكَ} وآخر سورة نزلت براءة. حينئذٍ قسم لك آخر ما نزل إما أن يكون آية وإما أن يكون سورة بتمامها فآخر ما نزل من الآيات آية الكلالة الصفية وآخر ما نزل من السور براءة.