للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١ - أن يكون مضمون الباب مُتَّصِلاً بالباب السابق مُكَمِّلاً له، فيفصل لفائدة زائدة في مضمونه، فيكون بمنزلة الفصل من السابق.

ومن ذلك في " الجامع الصحيح " قول البخاري في الجنائز (١).

(بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ) وأخرج فيه حديث المغيرة: «مَن نِيحَ عليه يُعَذّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ)، وحديث عمر: «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ».

ثم قال: (باب، وأخرج فيه حديث جابر في مقتل أبيه يوم أُحُد وفيه: «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو - أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو -. قَالَ: «فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ لاَ تَبْكِي، فَمَا زَالَتِ المَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ».

فهذا الحديث أفاد كراهة النياحة على الميت، وتعليل ذلك بأن هذا الميت ظَلَّلَتْهُ الملائكة بأجنحتها، واكتنفته الرحمة، فهو في نعيم عظيم يوجب السرور له لا الحزن والنياحة، وذلك عن طريق آخر غير ما أفادته الأحاديث السابقة من علة النهي عن النياحة، فلذلك فصله في باب مستقل.

قال الحافظ ابن حجر (٢): «فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنَ البَابِ الذِي قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ».

٢ - والكثير الغالب أن يكون ضمن الباب فائدة تتصل بأصل الموضوع الذي عَنْوَنَ لَهُ (بأبواب) ويكون قد ذكره عقبه لهذه الملابسة.

ومن ذلك في " البخاري " قوله في (الحَرْثِ وَالمُزَارَعَةِ):

(بَابُ قَطْعِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ) أخرج فيه حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَطَعَ»

، ثم قال: (باب) وأخرج فيه حديث رافع بن خديج قال: «كنا أكثرَ أهل المدينة مُزْدَرَعا، كنا نُكْرِي الأرض بالناحية منها مُسَمّي لسيد الأرض، قال: فمما يُصابُ ذلك وتسلم الأرض، ومما

رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، قَالَ: «كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ المَدِينَةِ مُزْدَرَعًا، كُنَّا نُكْرِي الأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الأَرْضِ»، قَالَ: «فَمِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الأَرْضُ، وَمِمَّا


(١) جـ ٢ ص ٨٠، ٨١.
(٢) " الفتح ": جـ ٣ ص ١٠٤ و ١٠٥. وانظر " شرح تراجم البخاري " للدهلوي: ص ٤. ومقدمة " لامع الدراري " لرشيد أحمد الكنكوهي: ص ٩٧.

<<  <   >  >>