للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الافتراض، وخوف الافتراض زال بموته - صلى الله عليه وسلم - فانتفى المعارض.

* وهكذا جمع القرآن، فإن المانع من جمعه كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الوحي كان لا يزال ينزل، فيغير الله ما يشاء ويحكم ما يريد. فلو جمع في مصحف واحد، لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته، واستقرت الشريعة بموته - صلى الله عليه وسلم - أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فعمل المسلمون بمقتضى سنته، وذلك العمل من سنته، وإن كان يسمى في اللغة بدعة. وهذا باب واسع.

والضابط في هذا ـ والله أعلم ـ أن يقال: إن الناس لا يُحْدِثون شيئا إلا لأنهم يرَوْنه مصلحة، إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه، فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين. فما رآه الناس مصلحة نُظِر في السبب المحوج إليه، فإن كان السبب المحوج إليه أمراً حدث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير تفريط منا فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه، وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائماً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعارض زال بموته.

<<  <   >  >>