للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» (رواه البخاري ومسلم).

قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «الصَّحَابَة هُنَا بِفَتْحِ الصَّاد بِمَعْنَى الصُّحْبَة، وَفِيهِ الْحَثّ عَلَى بِرّ الْأَقَارِب، وَأَنَّ الْأُمّ أَحَقّهمْ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدهَا الْأَب، ثُمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب، قَالَ الْعُلَمَاء: وَسَبَب تَقْدِيم الْأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ، وَشَفَقَتهَا، وَخِدْمَتهَا، وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله، ثُمَّ وَضْعه، ثُمَّ إِرْضَاعه، ثُمَّ تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه، وَغَيْر ذَلِكَ».

وقال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من (صحيح البخاري): «قَالَ اِبْن بَطَّال: مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُون لِلْأُمِّ ثَلَاثَة أَمْثَال مَا لِلْأَبِ مِنْ الْبِرّ، قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ لِصُعُوبَةِ الْحَمْل ثُمَّ الْوَضْع ثُمَّ الرَّضَاع، فَهَذِهِ تَنْفَرِد بِهَا الْأُمّ وَتَشْقَى بِهَا، ثُمَّ تُشَارِك الْأَب فِي التَّرْبِيَة. وَقَدْ وَقَعَتْ الْإِشَارَة إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (لقمان: ١٤)، فَسَوَّى بَيْنهمَا فِي الْوِصَايَة، وَخَصَّ الْأُمّ بِالْأُمُورِ الثَّلَاثَة.

قَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْمُرَاد أَنَّ الْأُمّ تَسْتَحِقّ عَلَى الْوَلَد الْحَظّ الْأَوْفَر مِنْ الْبِرّ، وَتُقَدَّمَ فِي ذَلِكَ عَلَى حَقّ الْأَب عِنْد الْمُزَاحَمَة» اهـ.

<<  <   >  >>