ثم لم يسمع الناس بكلام قَطُّ أعم نفعًا، ولا أصدق لفظًا، ولا أعدل وزنًا، ولا أجمل مذهبًا، ولا أكرم مطلبًا، ولا أحسن موقعًا، ولا أسهل مخرجًا، ولا أفصح عن معناه، ولا أبين عن فحواه؛ من كلامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كثيرًا ...
قال محمد بن سلام: قال يونس بن حبيب: ((ما جاءنا عن أحد مِن روائع الكلام، ما جاءنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -))
ولعل بعض مَن لم يتسع في العلم، ولم يعرف مقادير الكلام، يظن أنا تكلفنا له من الامتداح والتشريف، ومن التزيين والتجويد ما ليس عنده، ولا يبلغه قدره!
كلا والذي حرم التزيد على العلماء، وقَبَّح التكلف عند الحكماء، وبهرج الكذابين عند الفقهاء! لا يظن هذا إلا مَن ضل سعيُه ا. هـ
[وقال القاضي عياض المالكي (رحمه الله) في كتابه الماتع "الشفا بتعريف حقوق المصطفى"(١/ ٥٦ - ٥٧):
((وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول: فقد كان - صلى الله عليه وسلم - من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يجهل؛ سلاسة طبع، وبراعة منزع، وإيجاز مقطع، ونصاعة لفظ، وجزالة قول، وصحة معانٍ، وقلة تكلف.
أُوتي جوامع الكلم، وخُص ببدائع الحِكَم، وعلم ألسنة العرب. يخاطب كل أمة منها بلسانها، ويحاورها بلغتها، ويباريها في منزع بلاغتها، حتى كان كثير من أصحابه يسألونه في غير موطن عن شرح كلامه وتفسير قوله.
ومَن تأمل حديثه وسبره علم ذلك وتحققه)) ا. هـ] (*)
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليست في المطبوع، فهو مما زاده المحقق في الطبعة الثانية