فآخر إدراكنا للحقيقة والطبيعة أول إدراكه هو الطبيعة والحقيقة، وما تعجز عنه الإنسانية تبدأ منه النبوة.
وعلى هذا فإن من أقوى البراهين على كماله - صلى الله عليه وسلم - ونبوته واتساع روحه ونفاذ إدراكه لحقائق الكون: أنه لم يتبسط في تلك الفنون كما يصنع البلغاء، ولم يأخذ مأخذهم فيها؛ إذ كانت كلها من أكاذيب القلب والفكر والعين.
وفي قانون الحقيقة أن الأشياء هي كل الأشياء، وهي كما هي، أما في قانون الكذب فالأشياء كلها هي ما تختاره أنت منها، وكما تختاره.
بحسب الدنيا من جمال فنه - صلى الله عليه وسلم - ما يضيف إلى الحياة عظمة الأشياء العظيمة، ويدفع الإنسانية في طريقها الواحد الذي هو بين الأب والأم، طريق الأخ إلى أخيه، يكون في الدنيا بين الرجلين كما هو في الدم بين القلبين