للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا} (٩٨).

ويقول: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (٩٩).

ويقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (١٠٠).

ويقول: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (١٠١).

ويقول: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا، إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (١٠٢).

ويقول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلْ مَا شِئْتَ، وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ [اثْنَتَانِ]: سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ» (١٠٣).

وهكذا يتضح لنا بجلاء لا يقبل الشك أن المباح تكليف شرعي في دائرة اختيارية سواء أكان سبيله سبيل الحاجة البشرية، أو العادة، أَوْ الجِبِلَّةِ، وَسَوَاءً أَكَانَ حُكْمُ إِبَاحَتِهِ صَادِرًا عَنْ اللهِ تعالى قُرْآنًا، أَوْ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلاً أَوْ فِعْلاً أَوْ تَقْرِيرًا.

وقد سبق أن ذكرنا قول الفخر الرازي (القسم الثاني: الإباحة) (*)، وتثبت بطرق ثلاثة:

والفخر الرازي يقول: القسم الثاني للإباحة، وتثبت بطرق ثلاثة:

[١] أَنْ يقول الشارع: إنْ شئتم فافعلوا، وإنْ شئتم فاتركوا.

[٢] أَنْ تدل أخبار الشرع على أنه لا حرج في الفعل والترك.

[٣] أَنْ لا يتكلم الشرع فيه البتة، ولكن انعقد الإجماع مع ذلك أَنَّ ما لم يرد فيه طلب فعل ولا طلب ترك فالمكلف فيه غير مُخَيَّرٍ.

فالإباحة لا تتحقق إلاَّ على أحد هذه الوجوه الثلاثة المذكورة، وفي جميعها خطاب الشرع دَلَّ عليها، فكانت الإباحة من الشرع» (٨) (*).

ويقول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ، وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا» فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلاَلٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ» (١٠٤) ثُمَّ تَلاَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} (١٠٥).


(٩٨) [سورة الأعراف، الآية: ٣١].
(٩٩) [سورة البقرة، الآيتان: ٥٧ و ١٧٢]، [سورة الأعراف، الآية: ١٦٠]. [سورة طه، الآية: ٨١].
(١٠٠) [سورة المائدة، الآية: ٩٣].
(١٠١) [سورة الإسراء، الآية: ٢٩].
(١٠٢) [سورة الإسراء، الآيتان: ٢٦، ٢٧].
(*) [انظر الصفحة ٥٥ من هذا الكتاب].
(١٠٣) أخرجه " البخاري " مُعَلَّقًا. كتاب اللباس - باب قول الله تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}؟
(١٠٤) أخرجه ابن مردويه، وَصَحَّحَهُ الحاكم عن ابن عباس.
(١٠٥) [سورة الأنعام، الآية: ١٤٥].

<<  <   >  >>