الحمد لله البرِّ الرحيم، واسع الإحسان الملك العظيم، والصلاة والسلام على المبعوث بالهدى، المخلص عن مسالك الرَّدى، وعلى آله وصحبه نجوم الدُّجى.
أخي المسلم: كم للنفوس من زلات .. وكم لها من عثرات .. طال بنا ليل المعاصي .. والسعي خلف الشهوات والأماني .. لا عقل صريح .. ولا قلب نجيح .. ولا وازع يصيح ..
أخي: أتدري من هو العاصي؟ ! هو الآبق من مولاه تعالى .. الهارب عن هديه وتأديبه! فلا غرابة أن تسمي العرب فصيل الناقة إذا لم يتبع أمه بـ (العاصي)! ! {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الملك]. {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ... }[البقرة].
أخي المسلم: إنها خمسة منافذ أدخلت علينا إعصار المعاصي، فدمدم في الديار ضعف في الإيمان، وجهل بالله- عز وجل- وأمره ونهيه، واغترار بعفوه تعالى، وكثرة الشبهات والشهوات، ومخالطة لأهل المعاصي وقرناء السوء.
أخي المسلم: خلق الله آدم عليه الصلاة والسلام بيده ونفخ فيه من روحه، ثم أمر ملائكته بالسجود له:{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[ص].