للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالإيمان هو الدافع للاستقامة وللسلوك الصحيح (و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من إمرهم) [الأحزاب: ٣٦]

(و أطيعوا الله و رسوله إن كنتم مؤمنين) [الأنفال: ١]

(و من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) [الحج: ٣٢]

[العبادات وسائل]

فإن كانت حياة القلب بالإيمان هي الهدف الذي به تتحقق العبودية لله عز وجل فكيف يصل المسلم لهذا الهدف؟!

أرشدنا الله عز وجل إلى الوسائل التي من شأنها أن تبلِّغنا هذا الهدف .. هذه الوسائل هي العبادات بقسميها القلبية والبدنية (يآيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: ٢١]

فالعبادات أدوية ناجحة تحقق للقلب عبوديته التامة لله عز وجل ..

فالصلاة من شأنها أن تُشعر المسلم بخضوعه وانكساره لربه، وهي وسيلة عظيمة للاتصال به سبحانه، ومناجاته، واستشعار القرب منه، والأنس به، والشوق إليه فتكون نتيجتها زيادة خضوع المشاعر لله (و اسجد و اقترب) [العلق:١٩]، (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً) [الاسراء: ١٠٩]

وبهذا يزداد الإيمان من خلال تلك الصلاة، و تظهر آثاره في دوافع المرء و سلوكه، فتزداد مسارعته لفعل الخير، ويقوى وازعه الداخلي ومقاومته لفعل المعاصي أوالاقتراب منها فيحقق قوله تعالى (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) [العنكبوت: ٤٥]

والصدقة عبادة عظيمة تقوم بمعالجة القلب من داء حب الدنيا و التعلق بها .. أي أنها تطهر القلب وتزيده قوة (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها) [التوبة: ١٠٣]

والصيام يساعد المرء على السيطرة على نفسه و إلزامها تقوى الله (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: ١٨٣].

والذكر يهدف إلى تذكُّر الله .. تذكُّر عظمته وجلاله وجماله و إكرامه فيزداد به المرء اطمئناناً و ثقة وإيماناً (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: ٢٨]

وهكذا في بقية العبادات القلبية والبدنية، و التي تشكل منظومة متكاملة، يتحقق من خلال القيام الصحيح بها الهدف العظيم من وجودنا على الأرض ..

فما من عبادة أرشدنا الله إليها إلا و تُعد بمثابة وسيلة و"مَركبة" تنقلنا إلى الأمام في اتجاه القرب منه سبحانه حتى نصل إلى الهدف العظيم في الدنيا (أن تعبد الله كأنك تراه) وفي الآخرة (و ينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم) [الزمر: ٦١]

[تهيئة الأجواء لتحقيق الهدف]

والمتأمل لتوجيهات الشرع يجد أنها تحثنا وتساعدنا على تهيئة الأجواء المناسبة للتفاعل القلبي مع العبادات ومن ثم زيادة الإيمان من خلالها، فعلى سبيل المثال: الصلاة .. نجد أن الشرع يحثنا على تفريغ الذهن من الشواغل وعدم تعلق القلب بشيء من شأنه أن يمنعنا من التركيز فيها، فإذا حضر الطعام مع دخول وقت الصلاة يفضل البدء بالطعام حتى يدخل المرء إلى الصلاة و ذهنه غير مشغول به.

وكذلك عند مدافعة الأخبثين .. قال صلى الله عليه و سلم: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان) (١)

ولا ينبغي للمرء أن يُسرع في خطواته إلى المسجد ليدرك الصلاة، بل عليه أن يمشي في سكينة و هدوء، فالإسراع من شأنه أن يجعله يذهب إلى الصلاة وهو مضطرب فيصعب عليه جمع قلبه ..

والحث على التبكير في الذهاب للمسجد قبل إقامة الصلاة له دور مهم في صرف شواغل الدنيا عن الذهن ..

وكذلك فإن الحث على تذكر الموت قبل الصلاة من شأنه أن يستجيش المشاعر نحو الرجاء و الطمع في عفو الله و الخوف والرهبة من عقوبته ..


(١) رواه مسلم

<<  <   >  >>