كتاب ديوان طرفة بن العبد

قافية الراء - ولقد كنت عليكم عاتبا - ص: 42

وإذا تَلْسُنُني ألسُنُهَا ... أنّني لَستُ بمَوْهونٍ فَقِرْ (١)

لا كَبيٌر دالِفٌ مِنْ هَرَمٍ ... أرهَبُ الليلَ، ولا كَلَّ الظُّفُر (٢)

وبلادٍ زَعِلٍ ظِلْمَانُها ... كالمَخاضِ الجُرْبِ في اليَوْمِ الخَدِر (٣)

قد تَبَطّنْتُ، وتَحتي جَسرَةٌ ... تَتّقي الأرضَ بمَلثومٍ مَعِرْ (٤)

فتَرى المَروَ، إذا ما هَجّرَتْ ... عن يَديها، كالفَراشِ المُشفِتَرْ (٥)

ذاكَ عَصْرٌ، وعَداني أنّني ... نابني، العامَ، خُطوبٌ غيُر سِرّ (٦)

مِنْ أُمورٍ حَدَثَتْ أمثالُها ... تَبتَري عُودَ القَويّ، المُستَمِرّ (٧)

وتَشَكّى النّفْسُ ما صابَ بها ... فاصبري، إنَّكِ من قَوْمٍ صُبُرْ (٨)

إنْ نُصادِفْ مُنْفِساً لا تُلْفِنا ... فُرُحَ الخيرِ، ولا نَكبو لِضُرّ (٩)

أُسْدُ غابٍ، فإذا ما فَزعوا ... غَيرُ أنكاسٍ ولا هوجٍ، هُذُرْ (١٠)

وليَ الأصلُ، الذي في مِثلِهِ ... يُصْلِحُ الآبِرُ زَرعَ المؤتَبِرْ (١١)

طَيِّبو الباءَةِ، سَهلٌ، وَلَهُمْ ... سُبُلٌ إنْ شِئْتَ في وحشٍ وعِرْ (١٢)

---

(١) تلسنني: تذكرني على لسانها. الموهون: الضعيف. الفقر: الذي كُسِرت فقار ظهره.
(٢) الدالف: الذي يمشي مشية المقيد. الهرم: الشيخوخة. أرهب: أخاف. الكل: التعب.
(٣) الزعل: النشيط. الظلمان: ذكور النعام ومفردها الظليم. المخاض: ساعات الولادة. الجرب: الواحدة جرباء وهي الناقة المعيبة. الخدر: الشديدة البرودة.
(٤) تبطنت: أصبحت داخل البلاد. الجسرة: الناقة الشديدة القوية. الملثوم المعلا: الخفّ المكسور الخالي من الشعر.
(٥) المرو: الحجارة الصغيرة. هجّرت: اشتد حرّها. المشفتر: المتفرق.
(٦) عادني: منعني. نابني: أصابني. الخطوب: مفردها الخطب وهو الأمر العظيم.
(٧) المستمر: الذي لا يهاب حوادث الدهر.
(٨) تشكى: تتشكى.
(٩) المنفس: الباهظ القيمة والثمن. تُلفنا: تجدنا. تكبو: نسكت على الضيم.
(١٠) الأنكاس: واحدها النكس وهو الجبان. الهوج: واحدها الأهوج وهو الطائش الأرعن. الهُذر: مفردها الهذور وهو الثرثار الكثير الكلام.
(١١) الآبر: المصلح. المؤتير: الداعي للإصلاح.
(١٢) الباءة: ساحة الدار. السبل: الطرق وواحدها السبيل.