كتاب ديوان طرفة بن العبد

قافية الراء - ولقد كنت عليكم عاتبا - ص: 43

وهُمُ ما همْ، إذا ما لَبِسُوا ... نَسْجَ داوُدَ لِبأسٍ مُحتَضِرْ (١)

وتَساقَى القَوْمُ كأساً مُرّةً ... وعَلا الخَيْلَ دِماءٌ كالشَّقِرْ (٢)

ثمّ زادوا أنّهُمْ، في قَوْمِهِمْ ... غُفُرٌ ذنَبهُمُ، غَيرُ فُخُرْ (٣)

لا تَعِزُّ الخَمْرُ، إن طافوا بها ... بِسِباءِ الشّوْلِ، والكُومِ البُكُرْ (٤)

فإذا ما شَربوها وانتَشوا ... وهَبوا كُلَّ أمونٍ وطِمِرْ (٥)

ثمّ راحوا عَبَقُ المِسكِ بهِمْ ... يُلحِفونَ الأرضَ هُدّابَ الأُزُرْ (٦)

ورِثوا السّؤْدُدَ عن آبائِهِمْ ... ثمّ سَادُوا سُؤدُداً، غَيرَ زَمِرْ (٧)

نحنُ في المَشتاةِ ندعوا الجَفَلى ... لا تَرَى الآدِبَ فينَا يَنْتَقِرْ (٨)

حينَ قالَ النّاسُ، في مجلسِهِمْ: ... أقُتارٌ ذاكَ أمْ ريحٌ قُطُرْ (٩)

بجِفانٍ، تَعْتَري ناديَنا ... منْ سديفٍ، حيَن هاجَ الصِّنَّبِرْ (١٠)

كالجَوابي، لا تَني مُتْرَعَةً ... لقِرَى الأضيافِ، أو للمُحتضِرْ (١١)

---

(١) لبسوا: تهيأوا للحرب. نسج داود: الدروع. البأس المحتضر: الشر الحاضر.
(٢) الشقر: زهر يُدعى شقائق النعمان.
(٣) غير فخر: لا يفخرون بأعمالهم لأنهم فطروا على العمل الصالح.
(٤) تعز: تغلي عليهم. السباء: الشراء. الشول: مفردها الشائلة وهي الناقة التي أشبحت في شهرها السابع للحمل أو بعد الولادة. الكوم: مفردها الكوماء وهي الناقة الكبيرة السنام.
(٥) الأمون: الناقة التي يطمئن الراكب لها. الطِمر: الفرس المرتفع.
(٦) يُلحفون الأرض: يمرون بأثوابهم الطويلة على الأرض. الهداب: الخيوط المتهدلة من الثوب. الأزر: واحدها الأزار وهو الثوب الفضفاض الذي يؤتزر به.
(٧) السؤدد: الكمال والمجد. الزمر: القليل.
(٨) المشتاة: أوقات الشتاء. الجفلى: الذي يدعون كل الناس إلى الطعام دون تسمية. الآدب: الذي يخص في دعوته إلى الطعام. ينتقر: يتذمر.
(٩) القتار: رائحة الشواء. القطر: العود الذي يتبخر به.
(١٠) الجفان: مفردها الجفنة وهي وعاء الطعام الكبير الواسع. تعتري: تصيب. السديف: لحم السنام. الصّنّبر: البرد الشديد.
(١١) الجوابي: مفردها الجابية. وهي بركة الماء. لا تني: لا تعتز. المترعة: المليئة. القرى: إطعام الضيف. المحتضر: القادم إلى الماء.