للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الْدَلِيْلُ الْخَامِسُ: مَا نَقَلَهُ الْمَبَارْكَافُوْرِي عَنِ الْسِيُوطِي وَأَبِي دَاودَ بِأَنَّ الْنِّسَاءَ أُمِرْنَ بِالْحِجَابِ لِئَلاَ يَرَاهُنَّ الْرِّجَالُ , وَلَمْ يُؤْمَرِ الْرِّجَالُ بِالْحِجَابِ لِئَلاَ يَرَاهُمُ الْنِّسَاءُ؛ فَدَلَ عَلَى مُغَايَرَةِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْطَائِفَتَيْنِ. (١)

الْجَوَابُ الأَوَلُ: هَذَا الْتَعْلِيْلُ يُخَالِفُ الْدَلِيْل؛ مِنَ الْكِتَابِ وَالْسُنَّةِ وَجَمْهُوْرِ الْعُلَمَاء؛ إِذْا لَمْ يُفَرِقُوا في الْنَّظَرِ بَيْنَ الْرِّجَالِ وَالْنِّسَاءِ؛ فَقَدْ أُمِرَ الْنِّسَاءُ في سُوْرَةِ الْنُّوْرِ بِمَا أُمِرَ بِهِ الْذُّكُوْرُ.

الْجَوَابُ الْثَانِي: الْنَّصُ جَاءَ فِي الْحُكْم ِ بِالْمُرَادَفَةِ؛ لاَ بِالْمُغَايَرَةِ؛ فَقَدْ أُمِرَ الْنِّسَاءُ في الْنُّوْرِ بِمَا أُمِرَ بِهِ الْذُّكُوْرُ.

الْجَوَابُ الْثَالِثُ: هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْنَّص ِ وَلاَقِيَاسَ مَعَ الْنَص ِ بِالإِجْمَاع ِ

وَسِرُ الْجِدَال؛ نَظَرُ الْمَرْأَةِ للرِّجَال؛ في الْقَنَوَات؛ وَالْصُحُفِ وَالْمَجَلاَت

وَخَيْرٌ مِنَ القولِ بِجَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلى الْرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ. الْقَوْلُ بِجَوَازِ سَمَاعِ وَقِرَاءَةِ الْمَقَال مَعَ غَضِّ بَصَرِهِا عَنِ الْرِّجَال؛ إِذْ بِهِ جَاءَتْ الأَدِلَه مِنَ الْكِتَابِ وَالْسُنَّه.

فَالله ُ الذي بِغَضِّ الْبَصَرِ أَمَرَهُنَّ هُوَ الذي لِصَلاَةِ الْعِيْدِ وَ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ أَخَرَجَهُنَّ.

فَلاَ مُلاَزَمَةَ بَيْنَ الْسَمْعِ وَالْبَصَرِ؛ إِذْ يُمْكِنُ للمَرْأَةِ أَنْ تَغُضَّ بَصَرَهَا عَنِ الْرِّجَال وَأَنْ تَسْمَعَ مِنْهُمُ الْمَقَال وَلَكِنْ مِنْ ضِيْقِ الْبَاع تَرْكُ تَحْقِيْقِ الْنِزَاعِ

قَالَ الْنَّاظِمُ:

وَالأَصْلُ فِي الْتَضْييقِ ضِيْقُ الْبَاع ِ ... وَقِلَةُ الْعِلْم ِ وَالاطِلاَع ِ

الخلاصة: أدلة المجيزين لنظر المرأة للرجل بغير شهوة من المتشابه وأدلة المانعين من المحكم.

قال تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} [آل عمران: ٧]

وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ الْآيَةَ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ


(١) تحفة ا لأحوذي ج٨ - ص ٥١

<<  <   >  >>