للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:

قُلْتُ: فَكَمْ مِنْ قَبِيْحَةٍ، صَارَتْ بِخُلُقِهَا مَلِيْحَةً. وفي الْحَدِيْثِ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الْدُّنْيَا وَالآخِرَة» (١)

وَكَمْ مِنْ مَلِيْحَةٍ؛ صَارَتْ بِخُلُقِهَا قَبِيْحَةً.

وفي الْحَدِيْثِ: «إِنْ الله َيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِي» (٢)

الْخَصْلَةُ الْعَاشِرَةُ: الْعِفَّةُ عَنِ الْحَرَامِ وَالْغَفْلَةُ عَنِ الآثَام

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} النور:٢٣.

فَمَنْ لِجَوَارِحِهَا حَافِظَةً؛ كَانَتْ عَنِ الْفَاحِشَةِ غَافِلَةً.

قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ} النساء:٣٤.

فَمَا تَزَيَّنَتِ الْمَرْأةُ بِمِثْلِ العِفَّةِ.

فَإِنْ بَرَزَتْ كَانَتْ لِعَيْنَيْكَ قُرَةً ... وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ يَعُمَّكَ عَارُهَا

وَقَدْ أَشَارَتْ امْرَأةُ الْعَزِيْزِ إلى جَمَالِ يُوْسُفَ في الْصُّوْرَةِ؛ بِقَوْلِهَا: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} يوسف٣٢ يوسف:٣٢.

وَأَشَارَتْ إلي جَمَالِهِ في الْعِفَّةِ بِقَوْلِهَا: {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ} يوسف:٣٢.

قُلْتُ: فَكَمْ جَمَّلَتِ الْعِفَّةُ مِنْ قَبِيْحٍ؛ وَكَمْ قَبَّحَ تَرْكُهَا مِنْ مَلِيْحٍ.

أُخْتَاهُ مَنْ تَزَيَّنَتْ بِهَذِهِ الْخِصَالِ بَدَتْ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ.

وفي الْدُّرِّ وَالْيَاقُوْتِ وَالْمِسْكِ وَالْحُلِي ... عَلَى كُلِّ سَاجِي الْطََّرْفِ لَدْنِ المُقَلَّدِ

وَيَبْدُو بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ فَلاَ تَرَى ... بِرُؤْيَتِهِ شَيْئاً قَبِيْحاً وَلاَ رَدِي

أُخْتِي هَذِهِ الْخِصَالُ؛ كَتَبْتُهَا للبَاحِثَةِ عَنِ الْجَمَال؛ لَهَا غُنْمُهَا. وَعَلَىَّ غُرْمُهَا، فَمَنْ أَخَذَتْهَا فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوْفٍ، وَمَنْ تَرَكَتْهَا فَتَسْرِيْحٌ بِإحْسَانٍ. ... وَبِهَذَا الْقَدْرِ أَكْتَفِي وَإلِيْهِ أَنْتَهِي.

ثُمَّ إلي هُنَا قَدِ انْتَهَيْتُ ... وَتَمَّ مَا بِجَمْعِهِ عَنَيْتُ

وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى انْتِهَائِي ... كَمَا حَمِدْتُ اللهَ في ابْتِدَائِي


(١) المعجم الأوسط للطبراني ج٣ص ٢٧٩والكبير ج ٢٣ وص٣٦٨
(٢) السنن الكبرى للبيهقي ج١٠ص١٩٣

<<  <