٦٤٥٢ - عروة: كانت عاتكة بنت عبد المطلب قالت لأخيها العباس: رأيت رؤيا وقد خشيتُ منها على قومك، قال: وما رأيت؟ قالت: تُعاهدني أن لا تذكرها؟ فإنهم إن سمعوها آذونا. فعاهدها، فقالت: رأيتُ راكبًا أقبل من أعلى مكة يصيحُ بأعلى صوته، يا آل غدرٍ يا آل فجرٍ اخرجوا من ليلتين أو ثلاثٍ إلى مصارعكم، ثم دخل المسجد فصرخ ثلاث صرخاتٍ، ومال عليه رجالٌ ونساء وصبيانٌ فزعين، ثم مثل على ظهر الكعبة على راحلته فصرخ بمثل ذلك ثلاث صرخات حتى أسمع من
⦗٥٦٤⦘ بين الأخشبين، ثم نزع صخرةً عظيمةً من أصلها ثم أرسلها على أهل مكة، حتى إذا كانت عند أصل الجبل ارفضت فلا أعلم بمكة بيتًا إلا دخلتها فلقةٌ منها، ففزع منها عباس فخرج فلقي الوليد بن عتبة وكان خليله، قصَّها عليه وأمره أن لا يذكره لأحدٍ، فذكرها الوليد لأبيه وذكرها عتبة لأخيه شيبة، وارتفع حديثها حتى بلغ أبا جهلٍ، فلمَا أصبحوا غدا العباس يطوف فناداه أبو جهلٍ في نفرٍ: يا أبا الفضل، إذا قضيت طوافك فأتنا. فلما فرغ أتى فجلس، فقال أبو جهل: يا أبا الفضل ما رؤيا رأتها عاتكة؟
قال: ما رأت من شيءٍ. قال: بلى، أما رضيتم يا بني هاشم بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء، إنَّا كنَّا وأنتم كفرسيِّ رهانٍ فاستبقنا المجد منذ حينٍ، فلمَّا حاذت الركبُ قلتم منا نبيُّ، فما بقى إلا أن تقولوا منا نبيةٌ، لا أعلم أهل بيتٍ أكذب رجلاً ولا امرأةً منكم، وقال: زعمت عاتكة أنَّ الراكب قال: اخرجوا في ليلتين أو ثلاثٍ فلو قد مضت هذه الثلاث تبين لقريش كذبكم، وكتبنا سجلاً ثم علقناه بالكعبة، أنكم أكذبُ بيتٍ في العرب رجلاً وامرأة، أما رضيتم يا بني قصيٍّ أنكم ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء حتى جئتمونا بنبيٍّ؟ فآذوهُ يومئذٍ أشد الأذى، وقال له عباس: مهلاً يا مصفر استه، فإنَّ الكذب فيك وفي أهل بيتك. فقال من حضر يا أبا الفضل ما كنت بجاهلٍ ولا خرقٍ. ونال عباسٌ من عاتكة أذى شديدًا فيما أفشى من حديثها، فلمَّا كان الليلة الثالثة جاءهم الراكبُ الذي بعث أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري، فقال: يا آل غدرٍ انفروا فقد خرج محمدٌ وأصحابهُ يتعرضون لأبي سفيان، ففزعت قريشٌ أشد الفزع، وأشفقوا من رؤيا عاتكة، ونفروا على كل صعبٍ وذلولٍ. للكبير بلين وإرسال (١).