للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٤٥٥ - ابن عباسٍ: حدثني عمر لما كان يوم بدرٍ نظر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين وهم ألفٌ وأصحابهُ ثلاثمائةٍ وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل - صلى الله عليه وسلم - القبلة ثم مدَّ يديه فجعل يهتفُ بربه يقولُ: ((اللهمَّ أنجز لي ما وعدتني، اللهمَّ آتني ما وعدتني، اللهمَّ إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض))، فما زال يهتفُ بربه مادًّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكرٍ فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال يا نبي الله: كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ

⦗٥٦٦⦘ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:٩] فأمدَّهُ الله بالملائكة، قال سماكُ: فحدثني ابنُ عباسٍ قال: بينما رجلٌ من المسلمين يومئذٍ يشتدُّ في أثر رجلٍ من المشركين أمامه، إذ سمع ضربةً بالسوط فوقه، وصوتُ الفارس يقولُ: أقدم حيزومُ، فنظر إلى المشرك أمامه خرَّ مستلقيًا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشقَّ وجهه كضربة السوط (فاخضرَّ) (١) ذلك أجمع فجاء الأنصاريُّ فحدث بذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة)) فقتلوا يومئذٍ سبعين، وأسروا سبعين، قال ابن عباس: فلمَّا أسروا الأسارى، قال - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرٍ وعمر: ((ما ترون في هؤلاء الأسارى)

فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فديةً فتكون لنا قوةً على الكفار، فعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما ترى يا ابن الخطاب) قال: (لا والله) (٢) يا رسول الله، ولكني أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًا من عقيلٍ فيضربُ عنقه، وتمكنني من فلانٍ نسيبًا لعمر فأضرب عنقه، فإنَّ هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكرٍ ولم يهو ما قلتُ، فلمَّا كان من الغد جئتُ فإذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ قاعدين يبكيان، فقلت يا رسول الله أخبرني من أيّ شيءٍ تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءً بكيتُ، وإن لم أجد بكاءً تباكيتُ لبكائكما. فقال: ((أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض على عذابهم أدنى من هذه الشجرة وأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْض} [الأنفال: ٦٧] إلى قوله {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً} [الأنفال: ٦٩] فأحلَّ الله الغنيمة لهم)). للترمذي ومسلم بلفظه (٣).


(١) في (أ): فأحضر، والمثبت من ((صحيح مسلم)).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) مسلم (١٧٦٣) والترمذي (٣٠٨١).