٦٦٣٣ - عروة بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثًا إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان واستعمل زيدًا بنحوه. وفيه: فتجهز الناس ثم تهيأوا للخروج وهم ثلاثة آلاف، فلما حضر خروجهم وادع الناس أمراء النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلموا عليهم، فلما ودع ابن رواحة بكى فقيل له ما يبكيك؟ قال: والله ما بي حب الدنيا ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيا} قلت: كيف لي بالصدر بعد الورود؟ فقال لهم المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين فقال عبد الله ابن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات قرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي ... أرشده الله من غاز وقد رشدا
وفيه: ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام، فبلغ الناس أن هرقل قد نزل البلقاء في مائة ألف من الروم، ومائة ألف من العرب من لخم وجذام والقين وبهرا وبلى، فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا بمعان ليلتين ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنخبره بعدد عدونا فإما أن يمدنا وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له، فشجع عبد الله بن رواحة الناس وقال: يا قوم والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم له تطلبون: الشهادة، ولا نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة إنما نقاتل لهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة.
وفيه: ومضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيهم جموع هرقل من الروم والعرب، وانحاز المسلمون إلى قرية مؤتة، وجعلوا على ميمنتهم قطبة ابن قتادة من بني عذرة وعلى ميسرتهم عبادة بن مالك الأنصاري، ثم اقتتلوا فقاتل زيد ابن حارثة براية
⦗٤٤⦘ النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى شاط في رماح القوم، ثم أخذها جعفر بنحوه. للكبير (١).