للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٠٦٥ - ابنُ عباسٍ: قال سعيدُ بنُ جبيرٍ، قلتُ لابن عباسٍ: إنَّ نوف البكالي يزعُمُ أنَّ موسى صاحبَ بني إسرائيل ليس صاحبَ الخضرِ، فقال: كذب عدوُّ الله، سمعتُ أُبيَّ بنَ كعبٍ يقولُ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: ((قامَ موسى عليهِ السلامُ خطيبًا في بني إسرائيل، فسُئل: أيُّ الناسِ أعلُم؟))

فقالَ: أنا أعلمُ، فعتب الله عليه إذ لم يردِ العلمَ إليهِ، فأوحىَ الله إليهِ إنَّ عبدًا من عبادي بمجمع البحرينِ هو أعلمُ منكَ، قال موسى: أي ربِّ! كيف لي بهِ؟

فقيلَ لهُ: احمل حوتًا في مكتلٍ، فحيثُ تفقدِ الحوت فهو ثمَّ، فانطلقَ، وانطلقَ معهُ، فتاه وهو يوشعُ بنُ نونَ، فحمل موسى حوتًا في مكتلٍ، وانطلق هو وفتاهُ يمشيان حتى أتيا الصخرة، فرقد موسى وفتاهُ، فاضطربَ الحوتُ في المكتل، حتى خرج من المكتلِ، فسقط في البحرِ، وأمسك الله عنهُ جرية الماءِ، حتىَ كانَ مثلَ الطاقِ، فكانَ للحوتِ سربًا، وكان لموسىَ وفتاهُ عجبًا، فانطلقا بقيةَ يومهَما وليلتهمَا، ونسىَ صاحبُ موسى أنْ يخبرهُ، فلمَّا أصبحَ موسىَ قال: {لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً} [الكهف: ٦٢] ولم ينصب حتى جاوز المكانَ الذي أُمرَ بهِ، قال: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً} [الكهف:٦٣] قالَ موسى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً} [الكهف: ٦٤] قال: يقصانِ آثارهمَا، حتى أتيا الصخرةَ، فرأى رجلاً مسجَّى عليه بثوبٍ، فسلَّمَ عليه

⦗١٥٩⦘ موسىَ، فقالَ لهُ الخضرُ: أنيَ بأرضكَ السلامُ؟

قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيلَ؟

قال: نعم، قالَ: إنكَ علىَ علمٍ من علمِ الله علمكَهُ الله لا أعلمهُ، وأنا على علمٍ من علمِ الله علمنيهِ لا تعلمهُ، قالَ: لهُ موسى {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} [الكهف: ٦٦] {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} [الكهف:٦٧: ٦٩] قالَ لهُ الخضرُ: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} [الكهف:٧٠] قال: نعمْ، فانطلقَ الخضرُ وموسىَ يمشيانِ علىَ ساحل البحرِ، فمَّرتْ بهما سفينةُ، فكلَّماهُمْ أن يحملوهُما، فعرفُوا الخضرَ فحملوهُما بغيرِ نولٍ، فعمدَ الخضرُ إلى لوحٍ من ألواحِ السفينة فنزعهُ، فقالَ لهُ موسى: قومٌ حملونا بغيرِ نولٍ فعمدتَ إلى سفينتهم فخرقتها {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً} [الكهف:٧١: ٧٣].

ثمَّ خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحلِ إذا غلامٌ يلعبُ مع الغلمانِ فأخذ الخضرُ برأسِهِ فاقتلعَهُ بيدهِ، فقتلهُ، فقال موسى: {أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً} [الكهف:٧٤: ٧٥] وهذهِ أشدُ من الأولى، {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: ٧٦: ٧٧] يقولُ: مائلٌ، قالَ الخضرُ بيدهِ هكذا فأقامهُ، قالَ لهُ موسى: قومُ أتيناهُم فلم يضيفونا ولم يطعمونَا، لو شئتَ لاتخذت عليه أجرًا {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً} [الكهف:٧٨] قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يرحمُ الله موسىَ، لوددتُ أنهُ كانَ صبرَ، حتىَ كانَ يقصُّ علينا من أخبارهِمَا))، وقالَ - صلى الله عليه وسلم -: ((كانتِ الأولىَ مِن موسىَ نسيانا) قالَ: وجاءَ عصفورٌ حتى وقعَ على حرفِ السفينةِ ثم نقر في البحرِ، فقالَ لهُ الخضرُ: ما نقصَ علمني وعلمُك من علمِ الله إلا ما نقصَ هذا العصفورُ مِنَ البحرِ.

قال ابنُ جبيرٍ: وكانَ يقرأُ: وكانَ أمامهُم ملكُ يأخذُ كلَّ سفينةٍ صالحةٍ غصبًا. وكان يقرأُ: وأمَّا الغلامُ فكانَ كافرًا (١).


(١) البخاري (٤٧٢٥).