٧٢٨٤ - ابنُ عباس: لم أزل حريصًا على أن أسألَ عمر عن المرأتين من أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله {إِنْ تَتُوبَا إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤] حتَّى حجَّ عمرُ، وحججتُ معهُ، فلمَّا كانَ ببعضِ الطريقِ، عدلَ عمرُ، وعدلتُ معه بالإداوةِ، فتبرزَ، ثمَّ أتاني فسكبتُ على يديهِ فتوضَّأ، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، من المرأتانِ من أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللتانِ قال الله:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤]؟ فقالَ عمرُ: واعجبًا لك يا ابن عباسٍ، قال الزهريِّ: كره والله ما سألهُ عنه ولم يكتمهُ، قال: هُما عائشةُ وحفصةُ، ثمَّ أخذ يسوقُ الحديثَ، قالَ: كنَّا معشر قريشٍ قومًا نغلبُ النساءَ فلمَّا قدمنَا المدينةَ وجدنا قومًا تغلبهُمُ نساؤُهم، فطفقِ نساؤنا يتعلمنَ من نسائهم، وكان منزلي في بني أمية بن زيدٍ بالعوالي، فتغضبتُ يومًا على امرأتي فإذا هي تراجعُني فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكرُ أن أراجعك، فوالله إنَّ أزواجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنهُ، وتهجرُهُ إحداهُنَّ اليومَ إلى الليلِ فانطلقتُ، فدخلتُ على حفصةَ، فقلتُ: أتراجعنَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: نعم، فقلتُ: أتهجرهُ إحداكُنَّ اليوم إلى الليلِ؟ قالت: نعم، قلتُ: قد خاب من فعل ذلك منكُنَّ وخسرتْ، أفتأمنُ إحداكُنَّ أن يغضبَ الله عليها لغضبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هي قد هلكت، لا تراجعي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تسأليه شيئًا واسأليني ما بدا لكِ، ولا يغرنَّكِ أن كانت جارتُك هي أوسم وأحبَّ إلى رسولِ الله منكِ، يريدُ - عائشةَ- فكانَ لي جارٌ من الأنصارِ، فكنَّا نتناوبُ النزولُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فينزلُ يومًا وأنزلُ يومًا، ويأتيني بخبر الوحي وغيرهِ وآتيهِ بمثل ذلك، وكنَّا نتحدثُ أنَّ غسانَ
تنعلُ الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي ثمَّ أتاني عشاءً فضربَ بابي، ثُمَّ ناداني، فخرجتُ إليهِ، فقال: حدث أمرٌ
⦗٢١٤⦘ عظيمٌ فقلتُ: ماذا؟ جاءت غسانُ؟ قالَ: لا بل أعظمُ من ذلك وأهولُ، طلقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نساءهُ، فقلتُ قد خابت حفصةُ وخسرت، قد كنت أظنُّ هذا يوشكُ أن يكونَ، حتَّى إذا صليتُ الصبحَ، شددتُ على ثيابي، ثُمَّ نزلتُ، فدخلتُ على حفصةَ وهي تبكي، فقلتُ: أطلقكُنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: لا أدري، هُو ذا معتزلٍ في هذهِ المشربةِ، فأتيتُ غلامًا له أسودَ، فقلتُ: استأذن لعمرَ، فدخلَ، ثمَّ خرجَ إليَّ، فقال: قد ذكرتُك له فصمتَ، فانطلقتُ حتَّى أتيتُ المنبرَ، فإذا عندهُ رهطٌ جلوسٌ، يبكي بعضهم، فجلستُ قليلاً، ثمَّ غلبني ما أجدُ، فأتيتُ الغلامَ، فقلتُ: استأذن لعمرَ، فدخلَ، ثمَّ خرجَ إليَّ، فقال: قد ذكرتُك لهُ فصمتَ، فخرجتُ، فجلستُ إلى المنبر، ثُمَّ غلبني ما أجدُ، فأتيتُ الغلامَ، فقلتُ: استأذن لعمرَ، فدخل، ثُمَّ خرج، فقال: قد ذكرتُك له، فصمتَ، فوليتُ مدبرًا، فإذا الغلامُ يدعُوني، فقال: ادخل، قد أذن لك، فدخلتُ: فسلمتُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو متكئ على رمالِ حصيرٍ قد أثَّر في جنبهِ، فقلتُ: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسهُ إلىَّ، فقالَ:((لا))، فقلتُ: الله أكبرُ، لو رأيتنا يا رسولَ الله وكنَّا معشرَ قريشٍ نغلبُ النساءَ، فلمَّا قدمنا المدينةَ وجدنا قومًا تغلبُهُم نساؤهُمْ، فطفقَ نساؤُنا يتعلمنَ من نسائهم، فتغضبتُ على امرأتي يومًا فإذا هي تراجعني، فأنكرتُ أن تراجعني، فقالت: ما تنكرُ أن أراجعك، فوالله إنَّ أزواج رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنهُ، وتهجرُهُ إحداهُنَّ اليومَ إلى الليلِ، فقلتُ: قد خابَ من فعل ذلك منهنَّ وخسرَ، أفتأمنُ إحداهُنَّ أن يغضبَ الله عليها لغضبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هي قد هلكت، فتبسَّم - صلى
الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسول الله، فدخلتُ على حفصة، فقلتُ: لا يغرنكِ إن كانت جارتُك هي أوسم وأحبَّ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - منكِ، فتبسمَ أخرى، فقلتُ: أستأنسُ يا رسول الله؟ قال:((نعم))، فجلستُ فرفعتُ رأسي في البيتِ، فوالله ما رأيتُ فيه شيئًا يردُّ البصرَ إلا أهبةً ثلاثة، فقلتُ: يا رسولَ الله ادعُ الله أن يوسعَ على أمتكَ، فقد وسعَ على فارسَ والروم، وهُم لا يعبدُون الله، فاستوى جالسًا، ثم قال:((أفي شكٍ أنت يا ابن الخطابِ؟ أولئك قومٌ عجلت لهم
⦗٢١٥⦘ طيباتُهُم في الحياةِ الدنيا))، فقلتُ: استغفر لي يا رسولَ الله، وكان أقسمَ أن لا يدخل عليهنَّ شهرًا من أجلِ ذلك الحديث، حين أفشتهُ حفصةُ: إلى عائشةَ من شدةِ موجدتِهِ عليهنَّ حتَّى عاتبهُ الله (١).