٧٢٨٨ - ومنها: مكثتُ سنةً أريدُ أن أسألَ عمر عن آيةٍ: فما أستطيعُ أن أسألهُ، هيبةً لهُ، حتَّى خرج حاجًّا فخرجتُ معهُ، فلمَّا رجعنا وكنَّا ببعضِ الطريقِ، عدلَ إلى الأراكِ لحاجةٍ لهُ، فوقفتُ لهُ، حتَّى فرغَ، ثُمَّ سرتُ معهُ، فقلتُ: يا أمير المؤمنينَ: من اللتانِ تظاهرتا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من أزواجِهِ؟
فقال: تلك حفصةُ وعائشةُ، فقلتُ: والله، إن كنتُ لأريدُ أن أسألك عن هذا منذُ سنةٍ فما أستطيعُ هيبةً لك، قال: فلا تفعل، ما ظننتُ أنَّ عندي من علمٍ، فاسألني، فإن كان لي علمٌ خبرتُك بهِ، ثمَّ قال عمرُ: والله، إن كُنَّا في الجاهليةِ ما نعدُّ للنساءِ أمرًا حتَّى أنزلَ الله فيهن ما أنزلَ، وقسمَ لهنَّ ما قسمَ، فبينا أنا في أمرٍ أتأمرهُ، إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، فقلتُ لها: مالكِ ولما ههنا، فيم تكلفُك في أمرٍ أريدُهُ؟
فقالت لي: عجبًا لك يا ابن الخطاب! ما تريدُ أن تراجع أنت، وإنَّ ابنتك لتراجعُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى يظلُّ يومًا غضبانَ، فقامَ عمرُ حتَّى دخل على حفصةَ بنحوهِ.
وفيهِ: أنَّهُ خرجَ من عندِ حفصةَ، ثمَّ دخل على أمِّ سلمةَ لقرابتِهِ منها فكلمها، فقالت: عجبًا لك يا ابن الخطابِ، دخلتَ في كلِّ شيءٍ حتَّى تبتغي أن تدخُل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أزواجِهِ، قال: فأخذتني والله أخذًا، كسرتني عن بعض ما كنت أجدُ، فخرجتُ من عندها، وكان لي صاحبٌ من الأنصار إذا غبتُ أتاني بالخبر بنحوهِ.
وفيهِ: أنَّه لمَّا دخلَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الغرفةِ قصَّ عليه هذا الحديثَ، قال فلمَّا بلغتُ حديث أمِّ سلمة تبسمَ - صلى الله عليه وسلم -.
وفيهِ: فبكيتُ، فقال:((ما يبكيكَ؟)) فقلتُ: يا رسول الله!
إنَّ كسرى وقيصر فيما هُما فيهِ، وأنت رسولُ الله، فقال:((أما ترضى أن تكون لهُما الدُّنيا ولنا الآخرةُ)) (١). للشيخين والترمذيِّ والنسائيِّ.