للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٨٤٣١ - محمد بن كعب القرظي: بينما عمرُ قاعدٌ في (المسجدِ) (١) إذ مرَّ به رجلٌ فقيل: يا أميرَ المؤمنين، تعرفُ هذا المارَّ؟ قال: فمن هو؟ قال هذا سوادُ بنُ قاربٍ وهو من أهلِ اليمن له فيهم شرفٌ، وهو الذي أتاه رئيه بظهورِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال عمرُ: علىَّ به فدعي، فقال: أنتَ سوادُ بنُ قاربٍ؟ قال: نعم، قال: أنتَ الذي أتاكَ رئيُك بظهورِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، قال: فأنتَ على ما كنتَ عليه من كهانتكَ؟ فغضبَ غضباً شديداً، وقال: يا أمير، المؤمنين ما استقبلني بهذا أحدٌ منذُ أسلمتُ، فقال عمرُ: يا سبحانَ الله، ما كنَّا عليه من الشركِ أعظمُ مما كنتَ عليه من كهانتكَ، أخبرني بإتيانك رئيُكَ بظهور النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: بينا أنا ذات ليلةٍ بين النائم واليقظانِ، إذ أتاني رئيٌ، فضربني برجلِهِ، وقال: قُم يا سوادُ بنُ قاربٍ، فافهم واعقلْ إن كنتَ تعقلُ، إنه قد بُعثَ رسولٌ من لؤيِّ بن غالبٍ، يدعو إلى الله وإلى عبادتهِ، ثم أنشأ يقولُ:

عجبتُ للجنِّ وتحساسها ... وشدِّها العيسَ بأحلاسِهَا.

تأوى إلى مكةَ تبغى الهدى ... ما خيرُ الجنِ كأنجاسِهَا.

فارحلْ إلى الصفوة من هاشمٍ ... واسمُ بعينيكَ إلى رأسها.

قال: فلم أرفع بقوله رأسًا، وقلتُ دعني فإنِّي أمسيت ناعسًا، فلمَّا كانتِ الليلةُ الثانيةُ أتاني، فضربني برجله، وقال: ألم أقلْ لكَ يا سوادُ بن قاربٍ: قم وافهمْ واعقلْ إنْ كنتَ تعقلُ، إنه قد بعثَ رسولٌ من لؤيِّ بن غالبٍ يدعو إلى الله وإلى عبادتهِ، ثم أنشأ الجنُّي يقول:

عجبتُ للجنِّ وتطلابها ... وشدِّها العيسَ بأقتابها

تهوى إلى مكةَ تبغى الهدى ... ما صادقُ الجنِّ ككذابها.

فارحلْ إلى الصفوةِ من هاشمٍ ... ليس قدَّاماها كأذنابها.

قال: فلمْ أرفعْ لقوله رأسًا، فلمَّا كانتِ الليلةُ الثالثةُ أتاني وضربني برجلهِ، وقال: ألمْ أقل لكَ يا سوادُ بنُ قاربٍ: افهمْ واعقلْ إنْ كنتَ تعقلُ، إنَّه قد بُعثَ رسولٌ من لؤىِّ بن غالبٍ، يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ الجنُّي يقولُ:

عجبتُ للجنِ وأخبارها ... وشدِّها العيسَ بأكوارِها.

⦗٤٣٢⦘ تهوى إلى مكةَ تبغى الهدى ... ما مؤمنُ الجنِّ ككفارها.

فارحلْ إلى الصفوةِ من هاشمٍ ... بين روابيها وأحجارها.

فوقع في نفسي حبُّ الإِسلام والرغبةُ فيه، فلمَّا أن أصبحتُ شددتُ على راحلتي وانطلقتُ إلى مكةَ، فلمَّا كنتُ ببعضِ الطريق أُخبرتُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد هاجرَ إلى المدينةِ، فأتيتُ المدينةَ فسألتُ عنه فقيلَ لي في المسجدِ، فانتهيتُ إلى المسجدِ فعقلتُ راحلتي، وإذا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - والناسُ حوله، فقلتُ: اسمع مقالتي يا رسولَ الله، فقال أبو بكرٍ: ادنه ادنه، فلم يزلْ بي حتَّى صرتُ بين يديه، فقال: هات، فأخبرني بأنبائكَ رئيكَ، فقلتُ:

أتاني نجىِّ بعدَ هدءٍ ورقدةٍ ... ولم يكُ فيما بلوتُ بكاذبِ

ثلاثَ ليالٍ كلَّهُنَّ يقولُ لي أتاكَ ... رسولٌ من لؤيِّ بن غالبِ

فشمَّرتُ عن ذيلي الإِزارَ ووسطتُ بي ... الدلعبَ الوجناءَ بين السباسبِ

فأشهدُ أنَّ الله لا ربَّ غيرهُ ... وأنكَ مأمونٌ على كلِّ غائبِ

وأنكَ أدنى المرسلين وسيلة إلى ... الله يا ابنَ الأكرمينَ الأطايب.

فمُرنا بما يأتيكَ يا خيرَ مرسلٍ ... وإنْ كان فيما جاءَ شيبُ الذوائبِ.

وكن لي شفيعًا يومَ لا ذو شفاعةٍ ... سواكَ بمغنٍ عن سوادِ بن قاربِ.

قال: ففرحَ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بإسلامي فرحاً شديداً قال: فوثبَ عمرُ إليه والتزمَه، وقال قد كنتُ أحبُّ أنْ أسمعَ هذا منكَ (٢). للكبير بضعف.


(١) في (ب): المجلس.
(٢) ((الكبير)) ٧/ ٩٢ - ٩٥ (٦٤٧٥)،وقال الهيثمي ٨/ ٢٥٠: إسناده ضعيف.