٨٤٤٤ - أبو هريرة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أتى بفرسٍ يجعل كلَّ خطوةٍ منه أقصى بصره، فسار ومعه جبريلُ، فأتى على قومٍ يزرعون ويحصدون في يومٍ، كلَّما حصدُوا عاد كما كان، فقال: ((يا جبريلُ: منْ هؤلاء))؟ قال: المجاهدون تضاعفُ لهم الحسنةُ بسبعمائةِ ضعفٍ، وما أنفقوا من شيءٍ فهو يخلفهُ، ... ثمَّ أتى على قومٍ ترضخ رءوسُهم بالصخرِ، كلَّما رُضخت عادتْ كما كانت، قال: ((من هؤلاء؟)) قال: الذين تثاقلت رءوسُهم عن الصلاة، ثمَّ أتى على قومٍ على أدبارهم رقاعٌ، وعلى
⦗٤٤٣⦘ أقبالهم رقاعٌ، يسرحُون كما تسرحُ الأنعامُ إلى الضريعِ والزقومِ ورضفِ جهنمَ، قال: ((من هؤلاءِ؟)) قال: الذين لا يؤدون صدقةَ أموالهم، ... ثمَّ أتى على قومٍ بين أيديهم لحمٌ في قدرٍ نضيجٌ، ولحمٌ آخرٌ نئٌ خبيثٌ، فجعلوا يأملون الخبيثَ ويدعون النضيجَ، قال: ((من هؤلاء؟)) قال: الرجلُ من أمتكَ يقومُ من عند امرأته فيأتي المرأةَ الخبيثةَ فيبيتُ معها، والمرأةُ تقومُ من عندِ زوجها فتأتي الرجلَ الخبيثَ فتبيتُ عنده، ... ثم أتى على رجلٍ قد جمع حزمةً عظيمةً لا يستطيعُ حملها، وهو يريدُ أن يزيد عليها، فقال: ((ما هذا الرجلُ؟)) قال: رجلٌ من أمتكَ عليه أمانةُ الناسِ لا يستطيعُ أداءها وهو يزيدُ عليها، ثمَّ أتى على قومٍ تُقرضُ شفاهُهُم وألسنتُهم بمقاريضَ من حديدٍ، كلَّما قُرضتْ عادت، قال: ((ما هؤلاء؟)) قال: خطباءُ الفتنةِ، ثمَّ أتى على حجرٍ صغير، يخرجُ منه ثورٌعظيم، فيريدُ الثورُ أنْ يدخل من حيثُ خرجَ فلا يستطيعُ، قال: ((ما هذا؟))
قال: الرجلُ يتكلَّم الكلمة العظيمةِ فيندمُ، فيريدُ أن يردَّها فلا يستطيعُ، ثمَّ أتى على وادٍ فوجدَ ريحاً طيبةً وريحَ مسكٍ مع صوتٍ، قال: ((ما هذا؟)) قال: صوتُ الجنةِ، تقولُ يا ربّ ائتني بأهلي وبما وعدتني، فقد كثُر غرسي، وحريري، وسندسي، وإستبرقي، وعبقرييِّ، ومرجاني، وفضتي، وذهبي وأكوابيِ، وصحافي، وأباريقي، وفواكهي، وعسلي، وثيابي، ولبني، وخمري، ائتني بما وعدتني، قال: لكِ كلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ، ومؤمن ومؤمنةٍ، ومن آمنَ بي وبرسلي، وعملَ صالحاً ولم يشرك بي شيئًا، ولم يتخذ من دوني أنداداً؛ فهو آمنٌ، ومن سألني أعطيتُه، ومن أقرضني جزيتُه، ومن توكَّل علي كفيتُه، إني أنا الله لا إله إلا أنا، لا خلفَ لميعادي، قد أفلح المؤمنونَ، تباركَ الله أحسنُ الخالقين، فقالتْ: قد رضيتُ، ثمَّ أتى على وادٍ فسمعَ صوتاً منكراً، فقال: ((ما هذا؟)) قال: صوتُ جهنم، تقولُ يا ربُّ ائتني بأهلي وبما وعدتني، فقد كثُر سلاسلي، وأغلالي، وسعيري، وحميمي، وغساقي، وغسليني، وقد بعُد قعري واشتدَّ حرّي، ائتني بما وهدتني، قال: لك كلُّ مشركٍ ومشركةٍ، وخبيثٍ وخبيثةٍ، وكلُّ جبارٍ لا يؤمنُ بيومِ الحسابِ، قالتْ: قد رضيتُ، ثمَّ سار حتَّى أتي بيتَ المقدسِ، فنزل فربطَ فرسَه إلى صخرةٍ فصلَّى مع الملائكةِ، فلمَّا قضيت الصلاةُ، قالوا: يا جبريلُ، من هذا معكَ؟ قال: هذا محمدٌ رسولُ الله خاتمُ النبيين، قالوا: وقد أُرسلَ إليه؟ قال: نعم، قالوا: حيَّا الله من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعم
⦗٤٤٤⦘ الخليفةُ، ثمَّ لقوا أرواحَ الأنبياءِ فأثنوا على ربِّهم، ... فقال إبراهيمُ: الحمدُ للهِ الذي اتخذني خليلاً وأعطاني مُلكاً عظيماً وجعلني أمةً قانتاً، واصطفاني برسالاتهِ وأنقذني من النارِ، وجعلها علىَّ برداً وسلاماً، ثمَّ قال موسى: الحمدُ للهِ الذي كلَّمني تكليمًا واصطفاني، وأنزلَ علىَّ التوراةَ، وجعل هلاكَ فرعونَ ونجاةَ بنى إسرائيلَ على يدي، وقال داودُ: الحمدُ
للهِ الذي جعلَ لي ملكاً وأنزل علىَّ الزبور، وألانَ لي الحديدَ، وسخَّرَ لي الجبالَ يسبحنَ معي والطيرُ، وآتاني الحكمةَ وفصلَ الخطابِ، ... وقال سليمانُ: الحمدُ للهِ الذي سخَّر لي الرياحَ والجنَّ والإِنسَ وسخَّرَ لي الشياطين يعملون ما شئتُ من محاريبَ وتماثيلَ وجفانٍ كالجوابِ وقدورٍ راسياتٍ، وعلَّمني منطقَ الطيرِ، وأسالَ لي عينَ القطرِ، وأعطاني ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي، وقال عيسى: الحمدُ للهِ الذي علَّمني التوراةَ والإِنجيلَ وجعلني أُبرئُ الأكمه والأبرصَ وأُحيي الموتى بإذنهِ، ورفعني وطهرَّني من الذين كفروا، وأعاذني وأمِّي من الشيطانِ الرجيم، ولم يجعل للشيطانِ علينا سبيلاً، ... وقال محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّكُم أثنى على ربِّه، وأنا مثنٍ على ربِّي: الحمدُ للهِ الذي أرسلني رحمةً للعالمين، وكافةً للناسِ بشيراً ونذيراً، وأنزل علىَّ القرآن فيه تبيانُ كلِّ شيءٍ، وجعل أمتَّي خيرَ أمةٍ أخرجت للناسِ، وجعل أمَّتي وسطًا، وجعل أمَّتي هم الأولون وهُم الآخرون، وشرح لي صدري ووضعَ عنِّي وزري، ورفع لي ذكري، وجعلني فاتحًا وخاتمًا))، ... فقال إبراهيمُ: بهذا فضلكم محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ أتى بآنيةٍ ثلاثةٍ مغطاةٍ، فدفعَ له إناءٌ فقيل له: اشربْ فيه ماءٌ، ثمَّ دفع له آخر فيه لبنٌ فشربَ منه حتَّى رُوىَ، ثم دفعَ له آخرَ فيه خمرٌ، فقال: قد رويتُ لا أذوقُه، فقيلَ له قد أصبتَ، أما إنها ستحرَّم على أمتكَ، ولو شربتها لم يتبعكَ من أمتكَ إلا قليلٌ، ثم صعدَ به إلى السماءِ ..
بنحو حديثِ قتادةَ، إلا أنَّه قال في آدمَ: عن يمينه بابٌ تخرجُ منه ريحٌ طيبةٌ، وعن شمالهِ بابٌ تخرجُ منه ريحٌ خبيثةٌ، إذا نظر إلى البابِ الذي عن يمينه ضحكَ، وإلى الذي عن يسارِه بكى، فقال: ((يا جبريلُ ما هذا؟)) قال: أبوكَ آدمُ، وهذا البابُ الذي عن يمينهِ بابُ الجنةِ، إذا رأى من يدخله من ذريتهِ ضحكَ، وإذا نظرَ إلى البابِ الذي عن شمالهِ بابِ جهنمَ ومن يدخله من ذريتهِ بكى، ... وقال في إبراهيم: ((فإذا هو برجلٍ أشمطَ على
⦗٤٤٥⦘ كرسيٍّ عند بابِ الجنةِ، وعنده قومٌ سودُ الوجوهِ، -يعني بعضُهم- فقاموا فدخلُوا نهراً يُقالُ له نعمةُ الله، فاغتسلوا فخرجوا وقد خلصَ من ألوانهم شيءٌ، فدخلوا نهراً آخرَ، يقالُ له: رحمةُ الله، فاغتسلوا فخرجوا وقد خلصَ من ألوانهم شيءٌ، فدخلوا نهراً، فذلك قولُه: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} [الإنسان: من الآية٢١]، فخرجوا وقد خلصَ ألوانُهم، من ألوانِ أصحابهم، فقال: يا جبريلُ ما هذا؟)) قال: أبوكَ إبراهيمُ أولُ من شمطَ على الأرضِ، وهؤلاء البيضُ الوجوهِ، قومٌ لم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ، وهؤلاء قد خلطُوا عملاً صالحاً وآخرَ سيئاً، تابوا فتابَ الله عليهم، ثم مضى إلى السدرةِ يخرجُ من أصلها أنهارٌ من ماءٍ غيرِ آسنٍ، وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغير طعمُه، وأنهارٌ من خمرٍ لذةً للشاربين، وأنهارٌ من عسلٍ مصطفَّى، وهي شجرةٌ يسيرُ الراكبُ فيظلِّها سبعين عامًا، وإنَّ ورقةً منها مظلةُ الخلقِ، فغشيها نورٌ وغشيتْها نورٌ وغشيتها الملائكةُ، وذلك قولُه: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم:١٦]، فقال له تعالى: سلْ، فقال: ((إنكَ اتخذتَ إبراهيمَ خليلاً، وكلمتَ موسى تكليماً، وأعطيتَ داودَ ملكاً عظيماً، وألنتَ له الحديدَ، وسخرتَ له الجبالَ، وأعطيتَ سليمانَ ملكاً عظيماً، وسخرتَ له الجنَّ والإنسَ والشياطين والرياحَ، وعلمتَ عيسى التوراةَ والإِنجيل وجعلتهُ يبرئُ الأكمه والأبرصَ))، فقال له
تعالى: قد اتخذتُك حبيباً، ومكتوبٌ في التوراةِ: محمدٌ حبيبُ الرحمنِ، وأرسلتُكَ إلى كافة الناس، وجعلت أمتكَ الأولين والآخرين، ولا تجوزُ لهم خطبةٌ حتَّى يشهدوا أنكَ عبدي ورسولي، وجعلتُك أولَ النبيين خلقاً وآخرهم بعثاً، وأعطيتُك سبعاً من المثاني ولم أعطها نبيًّا قبلك، وأعطيتُك خواتيم سورة البقرةِ من كنزٍ تحتَ العرشِ لم أعطها نبيًّا قبلكَ، وجعلتُكَ فاتحاً وخاتماً، ثم ذكر فرض الصلاةِ ومراجعة موسى، فحطَّ عشراً ثمَّ عشراً ثم عشراً ثمَّ عشراً ثمَّ خمساً (١). للبزار.
(١) البزار كما في ((كشف الأستار)) ١/ ٣٨ (٥٥)،وقال الهيثمي ١/ ٦٧ - ٧٣: رجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول، وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (٢١٢٢): منكر.