ما أروع أولئك الرجال! الذين ما غاب عنهم مراقبة آلاء من لا زال متفضِّلاً عليهم بدقائق النعمَ!
فهنيئًا لقلب وقف عند النظر إلى جلائل إحسانه؛ فأقر بالنعمة لخالقه تبارك وتعالى؛ فاشتغل بشكره .. ولهج بالثناء عليه .. فأين أنت أخي المسلم من قافلة الشاكرين؟ !
فإيَّاك أن تكون بعيدًا عنها! وإلاَّ وجدت نفسك في طريق آخر .. ولعله طريق أهل الكفران بالنعمة!
ولا تظنَّ أن نعم الله تعالى لا تتجاوز مأكلك ومشربك وملبسك!
فإن من ظنَّ ذلك فهو جاهل .. غافل!
قال الحسن البصري:«من لا يرى لله عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب أو لباس، فقد قصر علمه، وحضر عذابه! ».
جاء رجل إلى يونس بن عبيد، يشكو ضيق حاله.
فقال له يونس: أيسرك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف درهم؟
قال: لا! قال: فبيدك مائة ألف؟ !
قال الرجل: لا!
قال: فبرجليك؟ !
قال الرجل: لا! قال: فذكَّر نعم الله عزَّ وجلَّ.
فقال يونس: أرى عندك مئين الألوف، وأنت تشكو الحاجة؟ !
أخي المسلم: هذا هو طرف من نعم الله تعالى على خلقه نبَّه إليها هذا الإمام هذا الرجل الذي جاءه يشكو إليه الحاجة، وقد غاب عنه ما هو فيه من النعمة!