للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

منا. فما أراده منا أظهره لنا، وما أراده بنا طواه عنا، فما لنا اشتغل بما أراده منا عن ما أراده بنا.

ومعنى ذلك أنه أراد بنا ما أمرنا به، وأراد منا ما علمه، فكانت الإرادة واحدة، ويختلف حكمها باختلاف وجه تعلقه بالمراد، وهي إذا تعلقت بثواب سميت رضى ومحبة، وإذا تعلقت بعقاب سميت سخطا وغضبا، كذلك إذا تعلقت بالمراد على وجه تعلق الأمر قيل: أراد به ما أمر، وإذا تعلقت بالمنع مطلقا بالتخصيص والتغير من غير التفات إلى كسب العبد حتى تكون إرادة لنا، وإرادة منا قبل إرادة الكائنات بأسرها، ولم نقل أراد منا وأراد بنا، بل أرادها على ما هي عليه من التجدد والتخصيص بالوجود دون العدم.

فإذا أفعال العباد من حيث إنها أفعالهم أما أن يقال تتعلق الإرادة على الوجه الذي ينسب للحق إيجادا وتخصيصا، وعلى وجهي أراد بنا وأراد منا، أراد بنا ما أمرنا به دينا وشرعا، واعتقادا ومذهبا. وأراد منا ما علم سابقه وعاقبه وفاتحه وخاتمه.

ودل على صحة هذا المعنى قوله: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم} (١) أي لم يشأ


(١) السجدة، الآية: ١٣.

<<  <   >  >>