للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العلماء وإلزام بعضهم بعضا، والله أعلم.

فالإرادة على مذهب الجمهور لها تعلقان كما مر.

فإن قلت: إن الإرادة صفة تخصيص، فإن كان تعلقها صلاحيا؛ لزم أنه في الأزل لم يخصص ما يقع فيما لا يزال بل هي قابلة لكل من المتقابلين، ولم يقع في الأزل تحتم أحدهما مضافا وقوعه لوقته، والأحاديث والآثار، وأقوال العلماء طافحة بنفوذ المشيئة، ووقوع الاستيلاء على ما أرادوا لعقل قاض بذلك أيضا، وتحتمه وقوع الشيء هو معنى تعلق الإرادة التنجيزي في الأزل، فوجب أن لها تعلقا واحدا تنجيزيا، كما أشير إليه في السؤال في الأول، وكما ذكر السائل عن التفتازاني أنه جزم بأن لها تعلقا تنجيزيا، فكيف يعقل مع ذلك كله أن لها تعلقا صلاحيا، وإنما التتنجيزي في الأزل؟

قلت: لا شك في متانة هذا الإيراد، ولم أر مفصحا عنه من العباد إلا عبارات متلاطمة تحدث بها إشكاليات متراكمة، فقد ذكر ابن أبي شريف مثل ما في السؤال.

قال: إن تبدل الشقاوة والسعادة باعتبارها في اللوح المحفوظ، أو باعتبار الصحف التي تنقلها الملائكة منه، فتكتب على كل مولود ما وقع فيه من الأمر، أما الحكم الأول فلا يتبدل أصلا. انتهى منه (١).


(١) انظر السعد التفتازاني، شرح المقاصد ج١/ ٢٣٩

<<  <   >  >>