للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمّا ما جرى بينهم من الوحشة فما زالت تجري بين الأخيار، بل ــ وأستغفر الله ــ لم يسلم منها الأنبياء الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام.

أترى موسى لمَّا أخذ بلحية هارون يجرُّه إليه، أليس ذلك عن وحشة حَدَثَت في نفسه، وهي للّ? ـهِ بلا شكٍّ. وهارون بريءٌ، وموسى معذورٌ.

أترى الأسباط وفعلهم الذي قصَّهُ الله ــ تعالى ــ ألم يُدْخلوا على أبيهم وحشةً؟ ولا دخلت بينهم الوحشة، وإن كان الأنبياء ــ عليهم السلام ــ أعلى شأنًا من أن يُنْسَبَ إليهم الخطأ إلَّا مع ضَرْبٍ من التنزيه.

وكفاك أنَّ الوحشة التي جَرَت بين الخلفاء ونحوهم زالت في حياتهم، فقد قال عليٌّ عليه السلام: "إنِّي لأرجو أن أكون أنا وفلان وفلان وفلان من الذين قال اللهُ فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ... } الآية [الحجر: ٤٧]، ثم قال: فإن لم نكن هم فمَن هم؟ " (١). فكيف يُقامُ لها وزنٌ بعد الممات؟!

اللَّهم وفّق وسدِّد واهْدِ وأرشِدْ بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.

وأمّا التقدُّم بالخلافة فقد قيل: إنَّ سببه الفضل، وإنَّ الصحابة اجتمعوا على الأفضل فالأفضل.


(١) أخرجه سعيد بن منصور وابن مردويه ونعيم في "الفتن" وابن أبي شيبة والطبراني كما في "الدر المنثور" (٨/ ٦٢٩ - ٦٣٠)، وسمّى المبهمين (عثمان، وطلحة، والزبير).

<<  <   >  >>