أَحْسَابِهَا، وَإِذَا فَخَرَ أَحَدُهُمْ بِفَضِيْلَةٍ فِيْ نَفْسِهِ كَالْشَّجَاعَةِ أَوْ الْكَرَمِ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنَّمَا يَكُوْنُ ذَلِكَ فِيْ مَعْرِضِ الْتَّذْكِيْرِ بِهَذِهِ الْفَضِيْلَةِ، وَاسْتِشْهَادِ التَّارِيْخِ الْحَيِّ عَلَيْهَا، أَوْ يَكُوْنُ تَوْطِيْنَاً لِنَفْسِهِ وَتَحْمِيْسَاً لَهَا بِمَا يُهَيِّجُ مِنْ كِبْرِيَائِهَا، كَمَا يُغَنِّيْ الْشُّجَاعُ فِيْ الْحَرْبِ، وَكَمَا يُنَبِّهُ عَنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْضَّرْبَةِ الْقَاضِيَةِ وَالْطَّعْنَةِ الْنَّافِذَةِ؛ وَهَذَا هُوَ بَابُ الْحَمَاسَةِ). (١)
وَالْصَّوَابُ ــ وَاللهُ أَعْلَمُ ــ أَنَّ الْفَخْرَ لَايَأَخُذُ حُكْمَاً وَاحِدَاً مَدِيْحَاً أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنِّمَا يُحْكُمُ عَلَيْهِ حَسَبَ بَاعِثِهِ، وسِيَاقِهِ، وَالْقَرَائِنِ الْمُحْتَفَّةِ بِالْقَائِلِ وَالْمَقُوْلِ وَالْحَالِ؛ فَمِنْهُ: مَا هُوَ مَدْحٌ مَحْمُوْدٌ، وَمِنْهُ مَاهُوَ مَدْحٌ مَذْمُوْمٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ عَرْضٌ تَارِيْخِيٌّ مُجَرَّدٌ لا يُقْصَدُ فِيْهِ الْمَدِيْحَ، وَرُبَّمَا يَأَتِيْ الْفَخْرُ وَيُقْصَدُ بِهِ أَوَّلَ مَا يُقْصَدُ الْهِجَاءُ، كَمَنْ يُعَدِّدُ مَفَاخِرَ جَمَاعَةٍ فِيْ مَعْرِضِ الْحَدِيْثِ عَنْ جَمَاعَةٍ أُخْرَى ...
وَالْحَدِيْثُ هُنَا عَنْ مَآثِر الحَمَادَى، وَنِتَاجِهِمِ الْعِلْمِيِّ، جَاءَ لِلْدِّلَالَةِ وَالإِرْشَادِ، وَنَشْرِ الْعِلْمِ، وَتَذْكِيْرِ الْخَلَفِ مِنَ الْأُسْرَةِ بِفِعْلِ الْسَّلَفِ مِنْهَا،
(١) «العمدة» (٢/ ٨٢٤)، «تاريخ آداب العرب» (٣/ ٦٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute