أَيُّهَا الْحَمَادَى اسْتَوْوْا، وَاعْتَدِلُوْا، وَاسْتَقِيْمُوْا، وَسَوُّوْا صُفُوْفَكُمْ، وَتَرَاصُّوْا، وَتَحَاذَوْا بِالْقُلُوْبِ، وَسُدُّوْا الْخَلَلَ، وَلَا تَدَعُوْا فُرُجَاتٍ لِلْشِّيْطَانِ، وَتُوْبُوْا إِلَى اللهِ -عز وجل- جَمِيْعَاً وَاسْتَغْفِرُوْهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْنَ.
هَذَا، وَلِلْشَّوْكَانِيِّ (ت ١٢٥٠ هـ) -رحمه الله- كَلَامٌ جَمِيْلٌ فِيْ الْحَدِيْثِ عَنْ الْاعْتِدَادِ بِالْأَحْسَابِ، وَذِكْرِ مَآثِرِ الْآبَاءِ، وَأَنَّهُ لَايَدُلُّ عَلَى الْتَّعَصُّبِ لَهُمْ، وَتَلَقِّي مَا نُقِلُ عَنْهُمْ بِالْقَبُولِ مُطْلَقَاً، قَالَ: (وَلِهَذَا تَرَى كَثِيْرَاً مِنْهُمْ يَسْتَكْثِرُ مِنْ: قَالَ جَدُّنا، قَالَ وَالِدُنَا، وَاخْتَارَ كَذَا، صَنَعَ كَذَا، فَعَلَ كَذَا؛ وَهَذَا لَا شَكَّ أَنَّ الْطِبَاعَ الْبَشَرِيَّةِ تَمِيْلُ إِلَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا طَبَائِعُ العَرَبِ؛ فَإِنَّ الْفَخْرَ بِالأنَسَابِ وَالتَّحَدُّثَ بمَا كَانَ لِلسَّلَفِ مِنَ الْأَحْسَابِ، يَجِدُونَ فِيْهِ مِنَ الْلَّذَّةِ مَا لَا يَجِدُوْنَهُ فِيْ تَعَدُّدِ مَنَاقِبِ أَنْفُسِهِمْ، وَيَزدَادُ هَذَا بِزِيَادَةِ شَرَفِ الْنَّفْسِ، وَكَرَمِ الْعُنْصُرِ، وَنَبَالَةِ الْآبَاءِ؛ وَلَكِنْ لَيْسَ مِنَ الْمَحْمُوْدِ أَنْ يَبْلُغَ بِصَاحِبِهِ إِلَى الْتَّعَصُّبِ فِيْ الْدِّيْنِ، وَتَأثِيْرِ الْبَاطِلِ عَلَى الْحَقِّ؛ فَإِنَّ الْلَّذَّةَ الَّتِي يَطْلُبُهَا، وَالْشَّرَفَ الَّذِي يُرِيْدُهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ بِكَونِ مَنْ سَلَفَهُ ذَلِكَ الْعَالِمَ، وَلَا يَضِيْرُهُ أَنْ يَتْرُكَ الْتَّعَصُّبَ لَهُ، وَلَا يَمْحَقْ عَلَيْهِ شَرَفَهُ، بَلْ الْتَّعَصُّبُ مَعَ كَوْنِهِ مُفْسِدَاً لِلْحَظِّ الْأُخْرَوِيِّ؛ يُفْسِدُ عَلَيْهِ أَيْضَاً الْحَظَّ الْدُّنيَوِيَّ؛ فَإنَّهُ إِذَا تَعَصَّبَ لِسَلَفِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute