قال الشيخ أبو الفتح. ورواه دهر بالرفع. أي ودهر أهل لأن أمسيت من أهله. فارتفع أهل لأنه وصف لدهر. والدهر ارتفع بفعل مضمر، دل عليه أول الكلام. فكأنه قال: وليفخر دهر أهل لأن أمسيت من أهله. ولا يتجه رفعه إلا على هذا.
لأنه ليس قبله مرفوع يجوز عطفه عليه. ولا وجه لرفعه بالابتداء إلا على حذف الخبر، وليس في قوة إضمار الفعل هاهنا.
هذا كلامه واختياره. وشتان إضمار مبتدأ يدل عليه الكلام، ويشهد به الضمير، وحذف فعل لا انسياق للفظ معه. ولنتحاكم مع الشيخ أبي الفتح إلى إظهار الفعل الذي زعم إنه مضمر. ثم ننظر كيف انسياق الكلام في حكم الشعر. فما أراك تستحسن أن تقول: كفى ثعلا فخراً بأنك منهم. وليفخر دهر أهل لأن أمسيت من أهله. بل كفى ثعلا فخراً بأنك منهم، ودهراً هو لأن أمسيت من أهله أهل.
ولو خير في هذين اللفظين السيخ أبو الفتح لاختار هذا لاشك. وقد قال أبو الطيب:
من كل رخو وكاء البطن منفتق ... لا في الرجال ولا النسوان معدود
فرفع معدوداً لأنه خبر مبتدأ محذوف. كأنه قال: هو معدود. ولولا ذلك لوجب جره. والقصيدة مرفوعة. وهذا في شعره وشعر غيره كثير. وما ادعاه أبو الفتح من الضرورة.