المعروفة (ومن استرساله إلى الاستعارة التي لا يرضاها عاقل، ولا يلتفت إليها فاضل: في الخد أن عزم الخليط البيت فالمحول في الخدود من البديع المرذول. ثم هذا الابتداء في القصيدة من النفور بحيث تضيق عنه الصدور).
فأي علم أفادنا بما قال غير هذا الكلام المسجوع الذي ماله مرجوع. بل ليت شعري أي شيء أنكر وما الذي نقم. والمحول للخدود مستعار. كما إن النظر للدمع مستعار. فأي نفور في هذا الابتداء الذي لم يخله من لفظ رائع. ومعنى مبتدع، وصنعة محكمة.
وبعد فقد ارتضى كل ذي عقل وفضل رأيته وسمعت به هذا الابتداء واستحسنه. وما شاهدت أحداً من الفضلاء، وذوي العقول يذمه غير هذا الظالم. فإن كان لا يرتضيه هو من بينهم وحده، وليس بأفضلهم، ولا أعقلهم فلعلة ما ذاك وقد قال بعض المحدثين:
مطر من العبرات خدي أرضه ... حتى الصباح ومقلتي سماؤه
فهل ترى بهذا من عيب، وهل يؤتى من جودة صنعه، وحسن بنيه. فكيف تراه جعل العبرات مطراً، والخد ارضاً، والمقلة سماء. وإذا جاز لهذا أن يجعل الخد أرضاً فلم لا يجعل أبو الطيب لتلك الأرض محولاً وخصباً.
وقوله:
تشكو روادفك المطية فوقها ... شكوى التي وجدت هواك دخيلا