للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

أما ابن من بعضه يفوق أبا الباحث ... والنجل بعض من نجله

بمثل هذا فيغلب الخصوم عند الجدال. فلقد احتج لقصور أبوته فما قصر. يقول: أنا بعض والدي، لأني منه وجدت. وأنا فوقك أيها الباحث عن أبوتي فضلا وكرماً وبأساً. فإذن والدي فوق أبيك كثيراً قد فضله بعضه. وقد استوعب هذا المعنى بقوله: أنا ابن من بعضه يفوق أبا الباحث. وباقي البيت فضل وتبيين. وزاد هذه الحجة قوة على خصمه بقوله بعده:

وإنما يذكر الجدود لهم ... من نفروه وأنفذوا حيله

يقول: أنا لا أفخر إلا بنفسي. وإنما يفتقر إلى المفاخرة بالأب من لا فخر له في نفسه فيقول: أنا ابن فلان. وجدي فلان.

قال الشيخ أبو الفتح في تفسير هذا البيت: معناه أنا فوق أبا من يبحث عني، إلا أن صنعه الشعر قادته إلى هذا النظم. وليس بضرورة كما قال:

قالت من أنت على خبر فقلت لها ... أنا الذي أنت من أعدائه زعموا

فأتى بهذا النظم. وهذا كلام من لا يعرف صنعة الشعر. وأي صنعة في هذا البيت غير إبداع المعنى. والصنعة تحتص من الشعر باللفظ، ووجه استعماله، لا باختراع المعاني، ألا ترى إنه لو قال:

<<  <   >  >>