كما قال الشيخ أبو الفتح: أنا أفوق أبا من يبحث عني لما كان قفيه هذا المعنى البديع، الذي إياه أراد أبو الطيب. وقول الشاعر:
أنا الذي أنت من أعدائه زعموا
ليس نظم الشعر فقط أحوجه إلى هذا القول. بل مذهب الشعراء المعروف في التغالط. ألا ترى إنه بنى أول بيت على المغالطة. لأنه سألت عن قائل هذا الشعر، وهي تعرفه فأجابها بجواب مغالطة أيضاً. وأنشدت مثل هذا لبعض المحدثين:
بنفسي التي قالت أأنك للذي ... يهيم بنا زعماً فقلت لها أني
لو قال الشاعر أنا الذي عاديته أنت لما كان للفظه الحلاوة التي تراها في البيت. بل الفاعل ما ذكره أبو الفتح من غير فائدة إلا لإقامة الوزن. ابن حبيبات القائل في خالد بن برمك:
لم يبق إلا الذي شيراز منزله ... أعني ابن برمك ممن يترجى أحد
فهذا تعقيد بلا فائدة. فلو قال: لم يبق إلا ابن برمك لكفى، وأغنى. ومعنى أبي الطيب بعد يضطر إلى اللفظ الذي أتى به فتأمله. وأجهد أن يأتي به في غير هذا اللفظ موجزاً تجده ممتنعاً. وقد جود أبو الطيب في هذا البيت، فما ترك في الإحسان غاية لم يأتها لولا إنه نقض هذا الأصل الذي أتى به في مكان آخر من شعره فقال: