والثاني أن يريد بالحرف الكلمة الواحدة. وكتب العلماء مملوءة من ذلك يقولون: ليس في العرب إلا حرف أو حرفان. يريدون (كلمة أو كلمتان). ويقولون في القراءات: هذه من حروف أبي عمرو أي كلماته التي قرأ بها. فهو يريد لفظ كلمة وعاها سامع فهم.
وقوله:
والأعوجية ملء الطرقِ خلفُهمُ ... والمشرقيةُ ملء اليوم فوقهم
لما كانت الخيل مما تنبسط في الأرض جعل الطرق منها ممتلئة. ولما كانت السيوف مما تعلوا في الجو وتهبط عند الضرب جعلها ملء النهار، لأن النهار ما بين الأرض والسماء. إذ كان نوره من الشمس. والشمس تطلع من مشرقها ثم تعلو في الجو.
وهذا نظير ما مضى في هذا الكتاب من معنى قوله:
كأن نجومه حليٌ عليه ... وقد حذيت قوائمه الجبوبا
يصف ليلا جعله من السماء إلى الأرض. فهو كالفرس الأدهم. نجومه حليه، والأرض نعله.
وقوله:
واسلم ابنُ شمشقيق إليَّته ... إلا انثنى فهو ينأى وهي تبتسم