للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصديق يحتسب بنفسه، فلم يزل يقاتل هواه في كل حركة حتى قتل الهوي، فخلص روحه وقلبه من الهوى، فهذا غاية الصدق، فسمي صديقاً، لأنه لم يبق في نفسه منازع، فصار البدن كله لربه مبذولاً بصدق منه، لا منازعة للهوى فيه، فكما صار الصديق عنده في الآخرة حيا مرزوقاً، صار بالصدق هاهنا في القلب به مرزوقاً، فرحاً مستبشراً بما آتاه الله من فضله، وكما صار الشهيد في الآخرة بعد أن وصل إلى النعمة يشتهي أن يرد إلى دار الدنيا، فيقتل فيه، فصار منيته كذلك الصديق ماتت شهواته، فصارت منيته ونهمته في ذكره وعبادته، ومنه قوله تعالى في بعض الكتب: أيها الصديقون، تنعموا بذكرى، فإنه لكم في الدنيا نعيم، وفي الآخرة جزاء. حدثنا ابن أبي زياد، قال: حدثنا سيار، عن جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى، قال: قرأت في بعض الكتب: إن سرّك أن تحيا وتبلغ علم اليقين، فاحتل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا، فإنه من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله.

<<  <   >  >>