فلساً وعنده كيس من دراهم. فالأول هو غنى بالمال، والثاني غنى بربه ومليكه، فالأول فرح بالمال والأحوال، والثاني فرح بالله، ثم بفضله ورحمته، عامة ملجئه ومفزعه إلى الله عز وجل، فالأول قلبه مأسور بالأشياء، قد ملكته حلاوة الأشياء، والثاني سكن قلبه حلاوة قرب الله عز وجل، فالأول قلبه بالأشياء، وبالأشياء تعلقه؛ والثاني مشتغل بالله وإليه منيب، وبه متعلق.
ومما يحقق عندنا حال هذا الثاني، ما أتت به الأخبار عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وعن السلف الصالح من بعده، حدثونا به عن ابن المبارك، عن صالح المري، عن حبيب أبي محمد، وهو العجمي رحمه الله، عن شهر بن حوشب، عن أبي ذر رضي الله عنه ولم يرفعه؛ وأما غير ابن مبارك فرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقول الله تبارك وتعالى لجبريل عليه السلام: يا جبريل، انسخ من قلب العبد الحلاوة التي كان يجدها بي، فينسخها من قلبه، فيصير العبد والهاً.