فقيل له: أحمل، ولك هذا الدينار، فاستمر بالحمولة، ونهض بأعباء ثقلها، فوجد خفة الحمولة، لأنه قوي القلب بما عاين من الدنيا، فقويت الأركان؛ أو قيل له أحمل هذه الحمولة، فثقل عليه، فعلاه بالسيف أو بشعلة نار، فخلص إليه الخوف، فاحتمله، فوجده خفيفاً، لأن القلب قد عزم على احتماله، هرباً من السيف، أو قيل له احمل هذه الحمولة، فثقل عليه، فقيل له: هذا الملك وأنت بعينه ينظر إليك، فوجد القلب قد انتقل عن حالته، إجلالاً للملك، فاستمر بالحمولة وقوى القلب، فإنما أدرك حمل هذه الحمولة بما عاين، فكذلك صاحب النفس قد عاين وشاهد قلبه، مما هو أكثر مما هاهنا من معاينة بصر الرأس في دار الدنيا؛ فالقلب الموقن،
صفته إذا تناول النعمة، فكأنما يتناولها من خالقه، فيأخذها بحياء، ومرة بحلاوة، ومرة بمهابة، ومرة بخوف؛ وإذا نزلت به بلية أبصر بنور يقينه إلى أموره، اختار له هذا، فظن به أحسن الظنون، لأنه أيقن أنه به أرحم منه بنفسه