وبيانه: أما البيت الأول فهو أنه لما كان من عادة الكف أن تشبه بالجة، والشجاع أن يشبه بالضرغام، والرأي أن يشبه بالسيف، وأراد أن يمدح الممدوح بالكرم والشجاعة ومضاء الرأي فضله على هذه مماثلتها. وتفضيل الشيء عن الشيء، إنما يكون بإثبات ما فيه والزيادة عليه. فلذلك كان اللفظ في الأول نفيا، والمعنى إثباتا، ودخل النفي على تقدير التشبيه.
وأما البيت الثاني، وهو قوله:(ولا جرحه يوسى) فهو نفي في المعنى وفي اللفظ فلم يدخل النفي على تقدير التشبيه.
وذلك أنه دخل في الأول على تقدير:(كفه لجة) وذلك تشبيهٌ وفضيلةٌ على الجملة.
وفي الثاني دخل على (جرحه يوسى) وليس ذلك تشبيهاً ولا فضيلةً، بل نقصاً على الإطلاق! فلهذا اتفق البيتان في النفي واختلفا في المعنى.
وقوله:
وَلَنْ يُبْرَمَ الأمرُ الذي هو حَالِلٌ ... وَلَنْ يُحْلَلَ الأَمْرُ الذي هو مُبْرِمُ